تنفيذ القرار 2170 تعثّر الـبـدايـة.. وفقدان المصداقية
بدأت فجر أمس أطراف التحالف الدولي بقصف مواقع بعض العصابات الإرهابية المسلحة في سورية وسط سيل من التساؤل والتناقض في التحليلات لما جرى ولما سيأتي، وقد رافق هذا شعور عام على عدة مستويات محلية وعربية ودولية مقترن بشكوك كبرى في نوايا الإدارة الأمريكية، ويبدو أن لا أحد مطمئن ، فلكل طرف محاذيره وبرامجه الخاصة. فالأغلبية لا تثق بالأمريكان وأزلامهم في المنطقة لتأكدهم من أن هذه الإدارة ستحرّف القرار الدولي 2170 عن مقاصده.
والمتابع لمواقع التواصل الاجتماعي في سورية أمس، يلاحظ أن غالبية السوريين من مختلف الشرائح والاتجاهات يرون ذلك، إضافة الى أن الحذر والشك والقلق يساورهم مما يجري.
فقد أعربت هذه الأغلبية عن ثقتها بقدرة القيادة السورية على التعامل الناجح مع هذه الأزمة انطلاقاً من النجاحات المستمرة للجيش العربي السوري في تسديد الضربات القاصمة المتفرقة والمتتابعة للعصابات الإرهابية، ومن استمرار وقوة الدور التدخلي لمؤسسات الدولة الوطنية في مناحي الحياة العامة ولاسيما الخدميّة منها، مع بروز وعي شعبي متنامٍ ومتصاعد بالقدرة على الصمود وتحقيق الانتصار، يتضح هذا من جهود المصالحة الوطنية الناجحة ومن استمرار استسلام المسلحين.
بالمقابل فقد أثار أمس الإعلام الغربي الشكوك والمحاذير نفسها – تقريباً – حول هذا القصف، فمع متابعة الـ – أون لاين – لبعض الصحف نجد مثلاً نيويورك تايمز ترى أن هذا يفتتح مرحلة جديدة محفوفة بالمخاطر.. مايثير تساؤلات حول «ماكياج الائتلاف الجديد؟». كما كانت افتتاحية الواشنطن بوست في هذا المجال ناقدة ومشككة جداً ولاسيما حول موقف تركيا والموقف منها، إضافة الى الشك في قدرة أمريكا وفي موضوعيتها لاستثمار تدريب 5000 مقاتل «معتدل!». أما الغارديان فقد بحثت في «الأمل الغامض» بالهدف من محو الإسلام المسلّح وحذرت من الانزلاق الى حروب وهزائم معهودة في هذا النوع من الحروب. كما أعربت الاندبندنت عن امتعاضها من «الدور المحزن» لهذا النوع من التعامل مع الأزمات الإنسانية في الشرق الأوسط.
إذن، هذا يدل على أن شعوب العالم قاطبة على غير ثقة ويقين بمصداقية الإدارة الأمريكية وأزلامها في المنطقة.
وفي الوقت نفسه كان العالم ومنذ فجر أمس بانتظار توضيح موقف القيادة السورية مما جرى، مع جهوزية مسبقة لمتاجرة البعض بذلك، فجاء حديث الرئيس الأسد أمس أثناء استقباله مستشار الأمن الوطني العراقي كافياً وواضحاً حين أكد سيادته على أهمية نجاح الجهود الرامية الى القضاء على التنظيمات الإرهابية «بمختلف مسمياتها»، فسورية تخوض منذ سنوات حرباً ضد الإرهاب التكفيري «بكل أشكاله» وهي مع أي جهد دولي يلتزم بالقرارات الدولية ولا يرتبط بالعمل العسكري فقط بل بوقف كل أشكال دعم التنظيمات الإرهابية وبالضغط على الدول التي تموّلها وتدّعي محاربتها.
وفي السياق نفسه كان بيان الخارجية السورية قاطعاً للمنافقة والمتاجرة التي انطلقت منها بعض الأبواق، حيث تضمن جواباً واضحاً عن الموقف من الإبلاغ الرسمي الأمريكي، ومن القصف أيضاً، وذلك بالتأكيد على أن محاربة الإرهاب بناءً على القرار 2170 ترتبط باحترام «سيادة الدول ووحدة أراضيها والحفاظ الكامل على حياة المدنيين الأبرياء وفقاً للمواثيق الدولية».
الحقيقة البادية منذ اليوم الأول أن الإدارة الأمريكية وأزلامها يفتقدون العقلانية والمصداقية اللازمة لتنفيذ هذا القرار، ذلك واضح من إعلان أوباما أمس الذي استهله بالحديث الوظيفي عن تنظيم «خراسان»، وعن القيام بتحالف «واسع النطاق!»، وعن «المعارضة المعتدلة؟» التي أثبتت الوقائع تقاطعاتها العديدة مع التنظيمات الإرهابية وداعميها في السعودية وقطر وتركيا. مايقدم مؤشرات واضحة الى استمرار الازدواجية في مكافحة الإرهاب حيث الذريعة إلى المصالح والأجندات الصهيوأمريكية.
بالنتيجة: وكما هو واضح من وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي المحلية والدولية، ومن تاريخ وواقع الصراع في المنطقة، وعليها تتأكد الثقة بقدرة سورية – ومعها أحرار العرب والعالم والمواثيق الدولية – على النجاح في الخروج من الأزمة ودحر الإرهاب والعدوان والاحتلال.. وسينقلب السحر على الساحر.
د. عبد اللطيف عمران