المعلم من على منبر الأمم المتحدة ينتقد ازدواجية المعايير الأمريكية لتحقيق أجندات خاصة: دعم وتدريب "المجموعات المعتدلة" وصفة لزيادة العنف والإرهاب.. ونسف الحل السياسي من جذوره
دعا نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم إلى مضاعفة الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، لأن مكافحة الإرهاب لا تتم عبر القرارات الدولية غير المنفذة، بل بتطبيق القرارات فعلاً، فالنوايا هنا لم يعد لها مكان عبر الضربات العسكرية بالتأكيد، لكن الأهم أيضاً هو وقف الدول التي تسلّح وتدعم وتدرّب وتموّل وتهرّب هذه الجماعات الإرهابية، ولهذا علينا أيضاً أن نجفف منابع الإرهاب. إن ضربنا الإرهاب عسكرياً، وبقيت تلك الدول تفعل ما تفعل، فهذه دوامة لن يخرج المجتمع الدولي منها لعقود..
واتهم المعلم خلال إلقاء كلمة سورية أمام الدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، أمس، أميركا بازدواجية المعايير لتحقيق أهداف سياسية خاصة، وأكد أن سورية مع أي جهد دولي يصب في محاربة ومكافحة الإرهاب، بشرط أن يتمّ مع الحفاظ الكامل على حياة المدنيين الأبرياء وتحت السيادة الوطنية ووفقاً للمواثيق الدولية.
وقال المعلم: لقد تحدّثنا في أكثر من مناسبة، وعلى أكثر من منبر دولي، حول خطورة الإرهاب الذي يضرب سورية، وإن هذا الإرهاب لن يبقى داخل حدود بلادي لأنه لا حدود له، فهذا الفكر المتطرف لا يعرف سوى نفسه ولا يعترف إلّا بالذبح والقتل والتنكيل.
وأضاف: وها أنتم اليوم تشاهدون ما يقوم به تنظيم داعش، التنظيم الأخطر في العالم على الإطلاق من حيث التمويل والوحشية، وتابع: ألم يحن الوقت لأن نقف جميعاً وقفة واحدة في وجه هذا التمدد الخطير للفكر التفكيري الإرهابي في العالم، ألم تحن ساعة الحقيقة لنعترف جميعاً بأن تنظيم داعش، وغيره كجبهة النصرة وبقية أذرع القاعدة، لن يتوقف عند حدود سورية والعراق بل سيمتد إلى كل بقعة يمكن له أن يصل إليها ابتداء من أوروبا وأميركا، ألا يجب أن نتعظ مما جرى في السنوات السابقة، ونجمع الجهود الدولية كاملة للوقوف في وجهها، كما جمع هذا التنظيم التكفيريين من كل أصقاع الأرض وأتى بهم إلى بقعة واحدة ليدرب ويسلّح ويعيد نشر أفكاره وإرهابه عبرهم من حيث أتوا؟!…
وقال المعلم: قد يقول قائل الآن: إن قراراً دولياً قد صدر مؤخراً وبالإجماع وتحت الفصل السابع ليحول دون تمدد هذا التنظيم وغيره وللقضاء عليه، ووصف القرار الدولي بأنه جاء متأخراً جداً، وتساءل: هل الجميع جاد وحازم في تنفيذه؟!، وأجاب: منذ صدوره لم نلمس أي تحرك جدي لتطبيقه، لم نلمس أي شعور حقيقي بالخطر، والعمل على أساسه من قبل أي دولة إقليمية، بل إن ما رأيناه من الإدارة الأميركية من ازدواجية للمعايير وتحالفات لتحقيق أجندات سياسية خاصة من خلال تقديم دعم بالسلاح والمال والتدريب لمجموعات يسمونها معتدلة، إنما يشكل وصفة لزيادة العنف والإرهاب، وسفك دماء السوريين، وإطالة أمد الأزمة في سورية، ونسف الحل السياسي من جذوره، ما يتطلب منا جميعاً جدية في التصدي لهذا الإرهاب، والقضاء عليه قولاً وفعلاً، ليعود الأمن والاستقرار إلى سورية والمنطقة.
ولفت المعلم إلى أن الضربات العسكرية يجب أن تتزامن مع تطبيق القرار الدولي رقم 2178، والضغط على الدول التي تدعم هذا التنظيم بكل شيء، دول باتت معروفة لكم جميعاً، والأهم تلك الدول التي صدّرت وما زالت تصدّر هذا الفكر المتشدد والتكفيري الخطير على الأمن والسلم الدوليين، فلنوقف الفكر ومصدريه، وبالتوازي لنضغط على الدول التي باتت عضواً في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة حتى توقف دعمها للجماعات الإرهابية المسلحة، عندها تصبح محاربة الإرهاب عسكرياً عملية ناجحة، أما غير ذلك فوجودنا هنا لن يكون على مستوى دموع السبايا والنساء والأطفال من ضحايا داعش وجبهة النصرة وغيرهما.
وأكد المعلم أن الجمهورية العربية السورية، إذ تعلن مرة أخرى أنها مع أي جهد دولي يصب في محاربة ومكافحة الإرهاب، تشدد على أن ذلك يجب أن يتم مع الحفاظ الكامل على حياة المدنيين الأبرياء، وتحت السيادة الوطنية ووفقاً للمواثيق الدولية، وقال: آن الأوان لأن نتكاتف جميعاً ضد هذا الإرهاب، فالخطر محدق بالجميع، وليس هناك دولة في منأى عنه، وبلادي، كما كانت وستبقى، ثابتة على موقفها الذي أعلنت عنه منذ ثمانينيات القرن الماضي حول مكافحة الإرهاب قبل أن يتفشى كما يحصل الآن، فنحن في سورية نحترم كلمتنا ونوفي بوعودنا ومواثيقنا.. وهذا ما عبّرنا عنه في أكثر من مجال، وتحديداً منذ بدء الأزمة في سورية.
لا شعبية ولا شرعية لـ “الائتلاف”
وأضاف المعلم: لقد وافقت سورية دون شروط على حضور مؤتمر جنيف2، وشاركت بفكر وعقل منفتحين، رغم قناعتنا بأن الحل هو سوري-سوري وعلى الأرض السورية، ورغم ذلك وإعلاناً منا عن حسن النوايا وحقناً لدماء السوريين ذهبنا إلى جنيف فوجدنا وفداً لا يفاوض باسم السوريين، فهو أصلاً لا انعكاس له على الأرض في سورية ولا شعبية ولا شرعية له لدى الشعب السوري، وفد يفاوض الحكومة وفق ما يريده سادته من الغرب.. يرفض نبذ الإرهاب، أو الوقوف في وجهه.. يرفض احترام سيادة سورية ووحدة ترابها، وتابع: ذهبنا إلى جنيف بأولوية أساسها مكافحة الإرهاب، والتي وردت بشكل أساسي في بداية بنود إعلان جنيف، إلّا أن وفد ما يُسمى الائتلاف بقي رافضاً لأي نقطة تمس أو تنبذ الإرهاب، وها هو الآن كل المجتمع الدولي قد تبنّى نظريتنا بأن مكافحة الإرهاب أولوية الأولويات..
وأضاف المعلم: مرة أخرى نجدد أننا جاهزون، بل ونسعى إلى الحل السياسي في سورية والحوار مع كل الوطنيين الشرفاء المعارضين للإرهاب في سورية وبين السوريين أنفسهم وعلى الأرض السورية، وأكد أن الانتخابات الرئاسية، التي جرت تحت مرأى ومسمع العالم، أوقفت الجميع أمام استحقاقاته، فكانت إرادة السوريين فوق كل صوت حاول التشويش عليها منذ ثلاث سنوات ونيف، وتابع: الآن وبعد الانتخابات الرئاسية نقول للعالم: من يرد ويتطلع إلى حل سياسي في سورية فعليه أولاً أن يحترم إرادة السوريين، التي أعلنوها صريحة واضحة قوية عالية، ومن يرد الحديث باسم الشعب يجب أن يكون ممثلاً للشعب أولاً، ومحترماً لإرادته وقراراته ثانياً، مشيراً إلى أن أي حوار يجب أن يكون وفق أسس تأخذ بعين الاعتبار احترام إرادة الشعب السوري وقراره.
وتابع المعلم: مع استمرار الهجمات الإرهابية في سورية اضطر الكثير من السوريين لترك بيوتهم والنزوح عنها، والكثير منهم لجأ إلى بعض دول الجوار، التي منها من وضع بعض هؤلاء المواطنين في معسكرات للتدريب على السلاح أو فيما يشبه أماكن الاعتقال، وقال: إنني أؤكد من على هذا المنبر أن الدولة السورية تضمن لمن يرغب من هؤلاء المواطنين العودة الآمنة والحياة الكريمة بعيداً عما يعانيه في هذه المخيمات من أوضاع لا إنسانية، وفي ذات الوقت فإن سورية مستمرة ببذل أقصى الجهود لإيصال مساعدات المنظمات الدولية الإنسانية إلى جميع المواطنين السوريين دون تمييز أينما كانوا وفي إطار السيادة الوطنية.
استعادة الجولان السوري المحتل كاملاً
وأضاف المعلم: إن الجمهورية العربية السورية تؤكد تمسكها باستعادة الجولان السوري المحتل كاملاً حتى خط الرابع من حزيران عام 1967، ورفضها لكل الإجراءات التي اتخذتها “إسرائيل” القوة القائمة بالاحتلال لتغيير معالمه الطبيعية والجغرافية والديموغرافية، في انتهاك واضح لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، كما تؤكد أن قضية فلسطين هي القضية المركزية للشعب السوري، الذي يدعم الحقوق الثابتة والمشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، وخاصة حقه في العودة وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة على أرضه وعاصمتها القدس.
وقال المعلم: إن سورية قامت بالوفاء بالتزاماتها الناتجة عن انضمامها إلى معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية، وأنجزت رغم الظروف القاسية التزاماتها، ويبقى السؤال الكبير: هل سيلتزم من يمد الإرهابيين بهذا النوع من السلاح وغيره بالتوقف عن ذلك والالتزام بالقانون الدولي؟!، وتابع: إن إخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل غير قابل للتحقيق ما لم تنضم “إسرائيل”، القوة النووية العسكرية الوحيدة في المنطقة، إلى كل معاهدات حظر انتشار أسلحة الدمار الشامل وإخضاع منشآتها النووية لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.