بين قوسين تنمويات “التنمية”؟!
يكثّف وزير تنميتنا الإدارية المحدثة حراكه التواصلي والميداني مع أجهزة الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية، لتغدو اللقاءات والفعاليات المشتركة مع الجميع خبراً شبه يومي نتناوله على موائدنا الإعلامية، وقوامه البحث عن موضع قدم في كل الوزارات والهيئات والمؤسسات والسلطات المحلية يؤسس لأنموذج من الدوائر المصغّرة تحرّك وتنفّذ السياسات التي تنتهجها الوزارة فيما بعد في ظل دعم حكومي وتسويق مباشر من الوزير حسان النوري لوزارته الوليدة التي تنتظر التأسيس والبناء من جديد بعد سنوات من الإلغاء والإبقاء خارج التشكيلات والتركيبات الوزارية عبر سنوات خلت كان آخرها على يد النوري نفسه الذي استلم هذه الحقيبة فارغة آنذاك ليعود ويتعهّدها فارغة من جديد؟.
في أرشيف الحكومات السابقة وصل ملف الإصلاح الإداري إلى التخمة من كثرة التجارب والمحاولات التنظيرية والتطبيقية التي نجح القليل منها وفشل الكثير منذ ربيع الإدارة بالأهداف إلى يومنا هذا، حيث طفا هذا القطاع على سطح المحفّزات والمبررات والعوامل التي يأمل الكثيرون أن تكون بعيدة عن التفصيل الجاهز على مقاس “النوري”، وبالتالي الرهان على النجاح لن يكون موفقاً، وهذا ما يدحضه الواقع في ظل التعويل على إصلاح العنصر البشري قبل المادي والإنتاجي الذي يشتغل عليه الوزير النوري كثيراً في زحمة الظهور الإعلامي والتحرك على الأرض لخلق الرؤية والهيكلية الناجعة لعمل ودور ومسؤوليات الوزارة، حيث يتكرر التصريح القائل إن المطلوب إعداد قيادات عليا ورعاية المشاريع والخطط التي تقدم الخدمات للمواطنين.
الجديد الذي أعلن عنه النوري ويبدو أنه مرّ مرور الكرام ولم يثِر اهتمام الكثيرين، أن وزارته ستكلف باختيار القيادات والمديرين الذين يتمتعون بالكفاءات المهنية والذهنية والمسلكية الجديدة بعيداً عن المحسوبيات بما يسهم في تطوير التنمية المجتمعية والإدارية، وبالتالي ثمة صلاحيات لهذه الوزارة ستكون واسعة إن طبّقت وحرّرت من الروتين والقيد والتفشيل المتعمّد، وهنا “تكمن” عقدة النجار التي طالما أرّقت الوزارات والمؤسسات والمتمثلة بآليات وقواعد وأدبيات الاختيار والانتقاء الموضوعي والسليم للقادة الإداريين وصناع القرار بعيداً عن لعنة المحسوبيات والواسطة والتدخّلات السافرة لجهات تمارس الهيمنة على إدارات وتكبّل أرجلها وتربط أيديها؟.
إذاً سيكون لوزارة التنمية الإدارية وحدات موزعة على جميع الجهات وبدأت تُحدث بالتتابع، إلا أن الترقّب يخصّ التكليف بالاختيار لشغل المواقع والمناصب، وهنا يرسل الكثيرون إشارات لا تخلو من الغمز مفادها: هل يُكتب لهذه التجربة النجاح؟ وهل تستطيع تحقيق اختراق التقاليد والموروثات التي يحفظها الجميع عن ظهر قلب وتضع الرجل المناسب في مكانه المناسب؟!.
علي بلال قاسم