ثقافة

أوس غريب وسمير مخيبر تجربتان مختلفتان في ثقافي جديدة عرطوز
اعتاد منبر المركز الثقافي في جديدة عرطوز أن يستضيف الأدباء على تنوعهم، خاصة وأنه زاد من نشاطه في الفترة الأخيرة وازداد عدد الفعاليات الأدبية بشكل لافت، مما سمح للكثير من الأدباء الشباب بالصعود إلى الواجهة لقراءة بعض صفحات إبداعهم وتلقي الآراء والانطباعات من قبل الجمهور، والنقاش الساخن بين الطرفين أحياناً، ما جعل من هذه اللقاءات فرصة لتبادل الرأي والثقافة لا للاستماع فقط.
في هذه العجالة سنتوقف عند شيء من تجربة كل من الشاعرين أوس غريب وسمير مخيبر، وكلاهما من خريجي قسم الأدب العربي ويشاركان في الأمسيات الأدبية في المراكز الثقافية بين وقت وآخر.

التأمل في الحياة
قرأالشاعر أوس غريب عدة نصوص شعرية والشيء الواضح لديه أنه يستفز كل إمكاناته اللغوية والخيالية خدمة لنصه، يؤلف من التفاصيل الدقيقة للحياة والتجارب بمعناها الأوسع صورته الشعرية المتقدمة إلى الغامض الواضح المختبئ خلف مرايا مائية تعكس توتر كل قطرة، يقول في إحدى قصائده:
“الكون حولي يدور/ وفي خاطري واشتعال وجدي يدور/كلما وطست قدمي الجمر/أصبح أندى/أفسح للنائبات مكاناً حميماً من القلب/كي أتبين ارتباطي بنور الجلالة”.
المستمع لشعر أوس غريب قد يؤخذ بالفلسفة التي يحاولها، ربما يؤمن شاعرنا بأن الشعر هو الحكمة لا توصيف المشاعر والحالات فقط، ما يجعل من تجربته مثاراً للجدل، وهذا ما حصل في تلك الأمسية إذ أعجب الكثيرون بإتقانه للغة ورهافته معها، وأخذوا عليه إغراقه في المجازات والصور غير السهلة القياد. يقول مثلاً:
“للقداسة قبر وأفق/وللحق وقتان/وقت يدير السنا/ووقت يدير الظلام/والروح فاكهة للتراتيل والدمع”.
إذاً اختار الشاعر الطريق الصعبة، الوزن الخاص به هو التأمل في الحياة، والغوص في الأسئلة ينمو سريعاً لديه مستغنياً عن فكرة العنوان إلى بياضه، أما الخواتيم فهي ليست خاتمة الكلام ، بل استمرار في المأزق، على أمل غير معلن بالوصول إلى طاقة نور تشفي غليل باحث عن الحقيقة.

روح وطنية عالية
أما الشاعر سمير مخيبر الذي عرفناه من مشاركاته في أمسيات المركز الثقافي مؤخراً وهو فإنه يعتمد على الشعر التقليدي في كتابته وهذا ما قوبل برضى وإعجاب الكثير من الجمهور المتعطش لما سماه بالأصل، فيما سأل البعض الآخر عن إمكانية التحرر من البحور قليلاً خاصة وأنها تقيد الشاعر وتطالبه باتباع القاعدة أكثر من الاستسلام للحالة الوجدانية والخيالية.
يقول في قصيدته (عشقي قدري):
هل مذنب بالعشق قلبي ومجرم          والقلب طفل حالم متبسم
تنوعت موضوعات الشاعر بين الوطني والغزل، وفي الحالتين هو عاشق ينادي بالمحبة ويرضى بالشوق رفيقاً على أمل بزوغ نور جديد، ولعل قصيدته (دمشق) هي الدليل الأفصح على الروح الوطنية العالية عند الشاعر وهذا البيت كمثال:
غداً تتراقص الأديان فينا          فهذي الشام أرض الاعتدال
وننتقل إلى الحديث حول الخواتيم في قصائد الشاعر مخيبر إذ تتسم بالتفاؤل وهذا جزء مهم من الرسالة التي يؤديها الشاعر، فبالإضافة إلى البيت سابق الذكر يختتم قصيدة أخرى بقوله:
“أنا سوري كفي مصباح/أنا حقلي يرقص أفراح/سنعيد إليه مودتنا/وسنقلع منه الأشباح”.
نحن إذاً أمام شاعر يعرف جيداً أصول الشعر واللغة ويعرف أن توظيفهما في خدمة المفاهيم الإنسانية السامية يتطلب منه السعي الحثيث نحو تفجير كل المشاعر والإمكانات اللغوية خدمة للرسالة التي اختار حملها، وهي إعلاء الكلمة الهادفة الحاملة للمضامين الراقية، ما يعني أننا بانتظار بحثه عن صوته الخاص، فالمغامرة الشعرية تستحق ذلك.
سوزان الصعبي