من هو الأفضل.. بين الناس؟!
أكرم شريم
من المعروف عادة أن الأفضل من غيره، إنما نراه بشكل عام أفضل بصفة واحدة لا غير. وكذلك الأفضل من مجموعة من الناس كبرت أم صغرت. فأنا أفضل من فلان بصفة واحدة وفي الوقت نفسه معروفة للجميع لأنني أغنى منه! ولكن هل تستطيع هذه الصفة أن تجعلني أفضل منه دائماً، وبكل شيء وتحديداً بكل الصفات الأخرى، وعند كل الآخرين، وفي كل زمان ومكان؟ من المؤكد لا. ودعوني أستأذن لكي أكرر: من المؤكد لا.. ولا.. ولا.
إذن.. فأنا أفضل منه بصفة واحدة لا غير! وهناك بعد ذلك وبشكل مباشر قوائم الصفات الأخرى، ولكل إنسان، وفي كل زمان ومكان صفاته الخاصة له بالذات.. فما هي صفاته، ولربما ليس صفة واحدة، التي يتميز بها عني؟ فقد يكون يحمل شهادة أعلى من شهادتي.. وقد يكون يعرف أكثر مني، وربما يعمل في هذه الحياة أفضل مني. وربما يخدم شعبه في استيراد أو تصدير، بيع أو شراء، منصب كبير أو دفاع، عمل إنساني كبير ودون مقابل، أو يحمل نفسية أكثر ثراء إنسانياً مني. أو أكثر لطفاً، أو أكثر ظرفاً، أو أقل انزعاجاً من الآخرين، وبالتالي أكثر تسامحاً، أو يتحمل الإنسان السفيه ويداريه أكثر مني، وكما ورد في الحديث الشريف (وداروا سفهاءكم) وقد يكون يتحين الفرص ليقدم المساعدة للآخر المحتاج لها دون أن يدري به أحد فكم هو أفضل مني في هذه الحالة؟!. وقد يكون أكثر مني اعتناء بأفراد أسرته بابنته التي يحبها ويحرص على أن تكون كما تريد وتشتهي في هذه الحياة، وكذلك بزوجته وأبنائه جميعاً. هل تعتقدون أن قائمة الأفضليات قد انتهت؟!.. لا أبداً .. تابعوا معي إذن.. وضعوا كل الصفات التي تريدون وتحبون وتتخيرون. لا.. لم تنته الأفضليات ولن تنتهي! فما بالك إذا اخترنا صفة أخرى، غير كثرة المال والغنى الكبير. فهل سأكون أفضل منه؟!
تعالوا معي نختار هنا من هذه الصفات مانشاء.. فهل أنا أفضل منه إذا كنت أقوى منه؟! أو إذا كنت صاحب وساطة كبيرة أو جاهة لا تتسع لها المنطقة التي أسكن فيها ولا حتى المدينة بأسرها! أو إذا كنت من عرقية تضع نفسها فوق كل الأعراق لأسباب تحتاج حتماً إلى زيارة عند الطبيب النفسي، أو من طائفة كذلك والطبيب النفسي سيعالج ويكون شاهداً على المرض أو دين يدّعي أنه الأفضل وبالتالي فإن الطبيب النفسي سيكون هو الحكم والحل وهو القانون أيضاً!. ذلك أن الله سبحانه وتعالى لم يفرق بين عباده بهذا الشكل المرضي، نسبة إلى الأمراض العقلية هذه المرة، ولا إذا كان أبي، هذا على الرغم من احترامنا لفخر الإنسان بأبيه، هو فلان والذي يعمل كذا ومعروف بذلك في كل الدنيا، ولا نستثني هنا سوى فخر الأطفال والطفولة بآبائهم، وكذلك نستثني فخر كل إنسان بأبيه، ولكن على ألا يقول أو يقال إن أبي أفضل من كل الآباء أي أنه الأفضل!. وكذلك لم يخلق الله لوناً أفضل من لون، مهما قلنا أو ادعينا أو شعرنا.. فهذا وفي كل الحالات تدخل بشري لأن الله لم يقل ولم يخلق هذا القوم أفضل أو هذا اللون أو هذه القارة أو هذه المنطقة من القارة أو العالم، أفضل! ومعاذ الله أن يحدث ذلك!
إذن من هو الأفضل في حياتنا حقيقة؟! وهل يعقل ألا يكون بين الناس.. بل بين البشر من هو أفضل.. بل من هو الأفضل وهكذا تكون النصيحة اليوم أن إنساناً أو مدينة أو شعباً أو قارة قد يكون أو تكون أفضل بصفة واحدة أو اثنتين أو أكثر، ولكن من المؤكد ليس هو أو هي الأفضل وبكل الصفات والتي نعرف جميعاً أن قائمة هذه الصفات وخاصة التي يملكها الآخرون قد تطول وتطول وقد لا تنتهي! ذلك أن الأفضل بين الناس كل الناس وبين الأديان كل الأديان وبين الشعوب كل الشعوب.