بين قوسين سلفة للمازوت..؟
تشابهت قصص الناس في المضمون والمعاناة واختلفت في الشخصيات التي ارتسمت على وجوهها معالم الحيرة والعجز الواضح عن تأمين مادة المازوت، فلا يخفى على أحد أن خطط الكثير من العائلات السورية “كما كانت تنتهي الخطط الخمسية بنسب التنفيذ المتدنية” فشلت في تأمين احتياجاتها من المازوت وتعبئة مؤونتها التي لا تتجاوز عشرات الليترات في خزاناتها الصغيرة، حيث تقف العائلات الآن على أبواب الشتاء دون أن تستطيع إرواء ظمأ خزاناتها المحرومة من المازوت لضعف قوّتهم الشرائية أولاً، ولغياب المادة بأسعارها الحقيقية من المحطات العامة والخاصة.
ولعل السؤال عن كيفية تأمين هذه المادة هو الحاضر في كل مكان يردّده الجميع دون استثناء ليس على مستوى الأسرة فقط بل في الشارع العريض بكل تشعّباته، ويزداد حضوره مع إحكام الخناق على حياتهم بقيود الغلاء التي فعلت فعلها في قلب المعادلة المعيشية للأسرة وأدخلتها في سباق خاسر مع لقمة العيش.
ومع الحيرة التي يصاب بها الناس عند الإجابة عن هذا السؤال، تتداخل الهموم وتختلط أوراق المسؤولية ويُحجز التفاؤل داخل كينونات اليقظة بحشواتها الخلبية الخالية من الدسم، وإذا أردنا الحديث بلغة العقل والمنطق فعلينا أولاً إخراج الحكومة من قفص المسؤولية الكاملة فهي اليوم تعيش محنة الأزمة بتداعياتها المختلفة وأعبائها التي امتصّت قدراتها وإمكاناتها المختلفة، وثانياً عدم إلقاء اللوم بالمطلق على تلك البورصة الملعونة التي سحقت ما تبقى من مدّخرات الناس المتواضعة في مزاد الجشع والاحتكار ورفع الأسعار، فمن المحال قبول الناس بوضع مادة المازوت في خانة الأزمة واتهام صرخاتهم ومطالبهم بتأمين المادة بعدم المسؤولية وعدم فهم وإدراك التحدّيات في هذا المجال.
وفي كلتا الحالتين نحن ندور في حلقات مفرغة، فحالة القلق تزداد والتساؤلات تكثر حول الحلول المفقودة التي تكسّرت معها حسابات الناس وتحطّمت أرقامها تحت مطرقة الواقع، واليوم مع اقتراب فصل الشتاء وتعدّد سيناريوهات تأمين المازوت للمواطن وارتفاع سعره والبحث عن المصير المجهول لمئات الآلاف من الليترات التي تم توزيعها خلال الفترة الماضية من اللجان المسؤولة وبقوائم وهمية، نسأل عن إمكانية منح سلفة مالية للعاملين في الدولة لتأمين احتياجاتهم من هذه المادة بغض النظر عن القروض أو الاقتطاعات المالية الأخرى التي تزدحم بها فيش الرواتب، فهل سيبقى للتفاؤل حضور في حياتنا وترتفع وتيرته مع الخطوات القادمة، أم تقضي الجهات المعنية بخطواتها المستقبلية على الرمق الأخير من آمالنا وأحلامنا التي تلسعها موجات بردها وتمتصّ وعودها مدّخراتنا الغائرة في مغارات…….؟.
بشير فرزان