اقتصاد

تعليماتها التنفيذية المتهم رقم واحد مراقبون: قوانينا العقارية غير منسجمة ولا متوافقة مع الحركة العقارية للسوق

لم تفلح محاولات الجهات المعنية بالشأن العقاري –خاصة وزارتي الإسكان والتنمية العمرانية، والإدارة المحلية- في ضبط السوق العقارية والسيطرة عليها، وإعادة التوازن والاستقرار لقطاع امتهن التمرد والتحليق عالياً خارج سرب الأنظمة والتشريعات النافذة، بل فرض رواده قواعدهم وقوانينهم التي لا تخرج عن نطاق تحقيق ما أمكن من هوامش الأرباح غير آبهين بما سيؤول إليه حال القطاع من حالات احتكار وسيطرة، وما ينجم عنها من ابتزاز وشفط للسيولة والمدخرات دون توجيهها بأقنية استثمارية حقيقية تحقق التنمية والقيمة المضافة من جهة، أو أن تساهم بحل مشكلة السكن من جهة ثانية.

مُسكِّن
لقد اتسمت المحاولات الحكومية بصبغة إصدار مجموعة من القوانين والمراسيم على أمل تنظيم هذا القطاع والسيطرة عليه ولو بالحدود الدنيا، لكنها لم تكن بالمستوى المطلوب حسب بعض المراقبين، الذين لمسوا فيها عدم الجدية ووصفوها بأنها مجرد مُسكِن لجرح دام عقوداً من الزمن ولم تكن بلسماً لدمله، واعتبروها حبراً على ورق، فبمجرد صدور أي قانون أو مرسوم له علاقة بالعقار تصاب الحركة العقارية بارتجاف وتتوقف لتترقب أصداء القانون وتأثيره عليها، وما إن يجفّ حبره حتى تعاود الحركة نشاطها وكأن شيئاً لم يكن، نتيجة عدم ترجمة القانون من الجهة المصدرة له على أرض الواقع، ولو عدنا بالذاكرة للقانون رقم 33 لعام 2008 الخاص بتثبيت الملكية العقارية –على سبيل المثال- كان من المفترض وبموجب القانون تشكيل لجان عقارية برئاسة قضاة، مهمتها دراسة مناطق العشوائيات وتثبيت ملكيات أصحابها بعد تسوية أوضاعها خلال أشهر قليلة من إصداره، ولكن شيئاً من هذا القبيل لم يحصل بعد مرور نحو ست سنوات على إصداره.

إعادة إلى الصفر
أبرز القوانين والمراسيم العقارية التي صدرت خلال السنوات الأخيرة إضافة إلى القانون الآنف الذكر، هي: قانون التطوير العقاري رقم 15 لعام 2008 والمرسوم التشريعي رقم 82 المتعلق ببناء العرصات، إلى جانب المرسوم رقم 76 الخاص بتنظيم عمل المؤسسة العامة للإسكان.
ويوضح بعض المراقبين أنها لم تستطع ضبط السوق العقارية ولم يكن لها أي أثر فعلي ملموس على أرض الواقع، والسبب ببساطة هو عدم انسجامها وتوافقها مع الحركة العقارية الحقيقية في سورية، خاصة وأن تعليماتها التنفيذية غالباً ما تفرّغ هذه القوانين من محتواها وتعيدها إلى نقطة الصفر.

تعقيد
فقانون التطوير العقاري مأخوذ من قوانين التطوير الموجودة في عدد من الدول العربية، مع فارق أن المرونة وعدم التعقيد الموجودة في القوانين المذكورة غير متوفرة في القانون السوري الذي فشل لما يكتنفه من تعقيد الإجراءات الإدارية كالحصول على رخصة مطور عقاري، بدليل أن لجنة التطوير العقاري على سبيل المثال مؤلفة من 19 عضواً يمثلون عدة وزارات وجهات رسمية إلى جانب عضوين من القطاع الخاص، فكيف يمكن جمع كل هؤلاء الأعضاء دفعة واحدة لاتخاذ قرار أو دراسة قضية معينة؟! إضافة إلى الضرائب العالية المفروضة على مناطق التطوير التي تتراوح نسبتها ما بين 12- 22%، ناهيك عن أن التعليمات التنفيذية للقانون هي نسخة مكررة عن بنوده.
ولعل أبرز ما تضمنه قانون التطوير العقاري هو معالجة مناطق السكن العشوائي، وإلى الآن لم يتم لحظ هذا الموضوع بشكل فعلي على أرض الواقع، ناهيك عن الضرائب المفروضة على تطوير المناطق العقارية، والإجراءات الإدارية المعقدة للحصول على رخصة مطور عقاري، ما دفع ببعض المراقبين إلى اعتبار عدم مباشرة شركات التطوير بإحداث مناطق التطوير يعود إلى أن المناطق المعروضة للتطوير العقاري غير مجدية اقتصادياً وتفتقر لعوامل الجذب، أو إن الهدف من حصول بعض شركات التطوير التي لم تباشر عملها بشكل جديّ على أرض الواقع لا يتعدى البريستيج الاستثماري!!.

عقلية
وفيما يتعلق بالقانون 33 على سبيل المثال يعتبر البعض أنه وضع لتسوية عدد من العقارات الموجودة في بعض المناطق القريبة من دمشق للحصول على الطابو الأخضر، وبالتالي بناء فلل وقصور لبعض المستفيدين، في حين أن المشكلة تكمن بتثبيت ملكية الأرض المشيّد عليها البناء ويحق لأي شخص أن يعترض، لاسيما تلك العائدة ملكيتها للدولة واستفحلت عليها العشوائيات التي لا يمكن بيعها أو تثبيت ملكيتها لقاطنيها، لذلك لا يمكن أن تجدي القوانين العقارية نفعاً ما لم تُعدّل هي وعقليّة القائمين على تطبيقها، إلى جانب العمل بعقلية القطاع الخاص، والاستفادة من خبرات الدول الأخرى والاستعانة بخبرائهم وشركاتهم لتوطين تجاربهم.
دمشق– ح. النابلسي