كابوس المقاومة الشعبية يلاحق "إسرائيل".. والفلسطينيون يستنبطون أساليب جديدة
إرهاب الدولة الصهيوني إلى أقصاه.. والمستوطنون يحرقون مسجداً في الضفة
تواصلت الاعتداءات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، وفي جديد انتهاكاته قام مستوطنون بإحراق مسجد في قرية المغاير، بالقرب من رام الله في الضفة الغربية، وأفاد مسؤولون في أجهزة الأمن الفلسطينية: إن مستوطنين أحرقوا بالكامل الطابق الأول من المسجد، مشيرين إلى أنه أُحرق مسجد آخر في هذه القرية عام 2012، وأكد أهالي البلدة أن المصلين حين توجهوا لأداء صلاة الفجر في المسجد وفوجئوا باشتعال النيران بالطابق الأرضي وامتدادها للطابق الثاني”.
وفي هذا الإطار أدان محمود الهباش قاضي قضاة فلسطين إقدام المستوطنين المتطرفين على إحراق المسجد، معتبراً بأنها تعد جريمة حرب وإرهاب دولة ومخالفة لكل الشرائع والأديان السماوية، وهي محاولة فاشلة لمنع المصلين المسلمين من ممارسة شعائرهم الدينية، وأوضح في تصريح صحفي أن السياسة الإسرائيلية والانتهاكات الخطيرة التي ترتكب بحق المساجد الفلسطينية، وخاصة المسجد الأقصى المبارك، سوف تؤدي إلى تفاقم الأزمة، وعدم الاستقرار وزيادة الاحتقان، مضيفاً: إن زيادة جرعة الفاشية والعنصرية لدى المستوطنين لن تنفك حتى تفجّر حرباً دينية تتزايد وتيرتها.
وبين أنه لولا الحماية والرعاية والتحريض الذي تقدمه الحكومة الإسرائيلية وقادة “إسرائيل” السياسيين والأمنيين، على حد سواء، للمستوطنين لما تجرؤوا على ممارسة هذا الإرهاب ضد المقدسات الإسلامية والمسيحية على حد سواء.
من جهتها حذّرت مؤسسة الأقصى للوقف والتراث من تزايد جرائم عصابات المستوطنين المتطرفة بحق المقدسات في الداخل المحتل والضفة، مشيرة إلى أنها قد تحمل معها تبعات وتداعيات خطرة على المنطقة برمتها.
كما صادقت ما يُسمى لجنة التخطيط والبناء “الإسرائيلية”، أمس، على بناء 200 وحدة استيطانية جديدة شرقي القدس المحتلة، ضمن مخطط لبناء 600 وحدة، وذلك بعد يومين من إقرار ميزانية العام المقبل في دولة الاحتلال، والتي تضمنت رفع ميزانية الاستيطان بنسبة 240% عما كانت عليه العام الجاري.
وواصلت قوات الاحتلال ممارساتها القمعية في مدينة القدس المحتلة والضفة الغربية، وشنت حملة مداهمات اعتقلت خلالها 13 فلسطينياً، فيما استولت على نحو 35 دونماً من أراضي بيت حنينا شمال القدس المحتلة، بحجة أسباب أمنية.
وينتهج المستوطنون منذ سنوات سياسة ممنهجة تحت شعار “تدفيع الثمن” تقوم على مهاجمة منشآت ومنازل فلسطينية، وتشمل هذه الهجمات تخريب ممتلكات فلسطينية وتدميرها وإحراق سيارات ودور عبادة مسيحية وإسلامية وإتلاف أو اقتلاع أشجار زيتون.
في هذا الوقت، يخيم توتر شديد في القدس الشرقية والضفة الغربية التي تشهد مواجهات استشهد فيها شاب فلسطيني الثلاثاء برصاص جيش الاحتلال قرب مدينة الخليل، جنوب الضفة الغربية المحتلة، بينما عززت “إسرائيل” إجراءاتها الأمنية بعد مقتل جندي ومستوطنة في هجومين منفصلين الاثنين الماضي في تل أبيب وفي مستوطنة في الضفة الغربية.
وإمعاناً في قمعها، أعلنت مصلحة سجون الاحتلال عن نقل الأسير النائب مروان البرغوثي المعتقل في سجن هداريم إلى زنازين العزل الانفرادي أمس، وقال نادي الأسير في بيان له: إن إدارة السجون أبلغت الأسرى بأن نقل البرغوثي تمّ كعقاب على البيان الصحفي الذي نشر على لسان البرغوثي في ذكرى رحيل الرئيس ياسر عرفات، ما دفع الأسرى لإغلاق السجن عدة ساعات، وعلّق رئيس نادي الأسير قدورة فارس على القرار قائلاً: إن عزل البرغوثي يدل على مستوى الارتباك لدى المؤسسة السياسية والأمنية للاحتلال، معتبراً، أن عزل البرغوثي دليل على خوف الاحتلال من أبو عمار في قبره ومن مروان في زنزانته.
من جانبها، قالت الحملة الشعبية لإطلاق البرغوثي: إنه يتعرض اليوم للعزل للمرة الثالثة والعشرين منذ خروجه إلى قسم العزل الجماعي، معتبرة أن العزل يهدف لمنع تواصل البرغوثي مع بقية الأسرى وجماهير الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، وأضاف بيان الحملة: إن البرغوثي يحضّر نفسه لإجراءات عقابية بعد كل بيان يصدره، مشيراً إلى أنه يدخل عامه الاعتقالي الثالث عشر على التوالي، والعشرين في حياته الشخصية.
وكان البرغوثي أصدر بياناً، الثلاثاء، طالب فيه “بمواصلة السير على طريق المصالحة الوطنية والتمسك بخيار المقاومة الشاملة وبالبندقية، التي استشهد ياسر عرفات وأبو جهاد وأحمد ياسين والشقاقي وأبو علي مصطفى والكرمي والجعبري وهي في أيديهم”.
وأمام الممارسات العنصرية الإسرائيلية في القدس والاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى، كان لا بدّ للمقدسيين أن يتحرّكوا، ولو بأساليب بدائية، وفق الظروف المتاحة لهم للتصدي للاحتلال، في إطار المقاومة الشعبية، والتي شهدتها الأيام الماضية الأراضي المحتلة، في مشهد يرى المراقبون أن رقعته ستتسع ممهداً لانتفاضة جديدة، وسط صمت عربي لم تنجح الدعوات والنداءات المتكررة لنصرة الأقصى والقدس من اختراقه..
ولم يعد الحديث عن انتفاضة ثالثة مبالغاً به، فما نعيشه اليوم هو انتفاضة ثالثة بطلتها المقاومة الشعبية، وأساليبها سيارة وسكين ومنجنيق وتظاهرات عند حواجز الاحتلال ومقاطعة البضائع الإسرائيلية، ويجزم المراقبون أن ما يجري اليوم مختلف عن المرات السابقة، حيث كان يقتصر الأمر على بعض ردود الفعل المحدودة والمؤقتة، ويؤكدون أن “ما يجري اليوم هو مؤشر على انتفاضة جديدة ستتسع رقعتها”، بما يؤكد للإسرائيلي “أن محاولاته التي بدأها قبل 66 عاماً لأسرلة الشعب الفلسطيني وعزله عن قضيته لم تنجح”، وبما “يوجه صفعة للقيادات الفلسطينية التي كانت تحاول أن تكرس أن الشعب الفلسطيني هو في مناطق الضفة وغزة متجاهلة القدس وأراضي 48 وقضية اللاجئين، من خلال التأكيد على أن الشعب الفلسطيني واحد في الضفة وغزة والقدس والشتات لا يمكن تجزئته أو فصله، وأن ارتباطه بقضيته الوطنية وأرضه أبدي وأزلي”.
في منطقة شمال غرب القدس عند جدار الفصل العنصري ابتدع الشباب الفلسطينيون مؤخراً أسلوباً جديداً في المقاومة الشعبية، يدأبون منذ أيام على فتح ثغرات في ذاك الجدار، يسدها الاحتلال، ثم يعودون لفتحها مجدداً.. من يدري ربما لكثرة تكرار هذا الفعل يتصدّع الجدار ويسقط يوماً.. ففي قلوب هؤلاء من الإيمان والعزيمة ما يجعلهم متيقنين أن هذا الاحتلال يمكن مواجهته بشتى الوسائل، حتى لو بمعول.