محليات

بين قوسين باب نصف مفتوح؟!

قاصدة متعمّدة، تركت الحكومة أبواب العمل الأهلي ولاسيما النشاط الخيري منه “نصف مفتوحة” بشكل يقدم هذا القطاع بالصورة التي يجب أن يكون عليها قانونياً وأداءً وممارسة للدور المنوط بالقائمين عليه..  ونقول نصف مفتوحة،  لأنه بهذا النصف لم يكن الوضع بالشكل اللازم فكيف لو شرعت الأبواب؟.. حتماً سنكون أمام الفوضى والفساد والانفلات مضروباً بعشرة أمثال ما هو عليه حالياً؟!.
في ملف الجمعيات العاملة والناشطة في المحافظات، ثمّة لبوس ناعم من الروحانية والواجب الاجتماعي اللامع الذي يعرف المتابع والمتقصي أنه يخفي عند البعض تجارة واستثماراً غير أخلاقي بمشاعر وعادات وتقاليد المجتمع، والنوايا غالباً ما تصبّ في خانة الاستغلال المعيب”لماء وجه” المواطن والفعاليات وحتى المؤسسات، لتكتشف أنك أمام نوع حرفي ومتقدم من التسول عبر أداة قانونية تقوم على جمع التبرعات أحياناً والإيحاء الترويجي والإعلامي أن العمل الإنساني والإغاثي والخيري والتطوعي هو الشعار والممارسة، لتكثر موضة المؤسّسات والجمعيات من هذا النوع ولاسيما في ضجيج الأزمة واتساع الحاجة للوجه الخاص للعمل العام وتحديداً الإنقاذي منه.
إشكالية الجمعيات وما يدور في نشاطاتها وممارسات بعضها ومخالفة الكثير منها للقوانين والأنظمة، وخروج جزء منها عن الخط العام المرسوم لها، لا يعدّ جديداً وليس مقروناً بسنوات الأزمة الأربع، بل تسجل الوقائع والحوادث والأضابير تجاوزات وارتكابات تحتفظ الأجهزة الرقابية بها، وكانت الإجراءات خطوة لم تتوانَ عن اتخاذها عند اللزوم وتوافر الإثباتات، لتأتي ظرفية الأحداث التي لم ينطفئ أوارها بعد وتظهر اشتداد وتعقد المجريات على الأرض،  فمع تراكم ملف المهجّرين واحتياجاتهم ذات الصفة المستعجلة، وأولوية إضبارة ذوي الشهداء والمصابين ذات السمة الإسعافية، وتزايد المعنفين والمتيتمين والمختطفين والمترملات والمفجوعات، نشط سوق الجمعيات الذي لا نرغب “شكله القائم” كمواطنين وحكومة في سياق التعاطي مع القضايا الوطنية على أنها مسؤولية الجميع وليس المسؤول وحده، فالكل صاحب دور وصانع قرار ما في البلد؟؟.
في سياق إشراف الوزارات على الجمعيات، تنبري وزارة الشؤون لتعلن في المناسبات ودونها بأن النشاط الخيري المتمثّل بالجمعيات متاح، شرط التنسيق والعمل تحت سقف الحكومة ونصوص التراخيص، وهذا ما لم يستوعبه من راح ينشط ويتواصل مع جهات خارجية دون المرور بمنصة الإشراف والرقابة اللازمة لضمان الضبط والتطبيق السليم والعمل المنظم الذي يخدم الهدف لا جيوب ومصالح مالية وسياسية لمن امتهن اللعب على العاطفة والحاجة والوجع النفسي والصحي والتربوي والغذائي والمادي والمعيشي؟!.
بالعموم دعونا نسجل تحفظات ونقاطاً عامة وموضوعية على جمعيات خيرية يلزمها رقابة وتدقيق أكثر من تقليدي، بعدما انغمس البعض في مستنقع الدعاية والتسويق وقطف ثمار فردية أو محدودة وضيّقة تعطي انطباعاً أن المسألة لا تعدو عن كونها استثماراً ربحياً لا خيرياً وإنسانياً كما يدّعي البعض.
علي بلال قاسم