يا مستعجل
تتكسر قدماك من طول الانتظار فيرزقك القدر بسرفيس يقلك ،تحمد الله وتشكره على نعمته في ظرف عصيب ،وفي رحلة الانطلاق تلك يصادف السائق زميل المهنة فينطلقان بالتوازي مع بعضهما ويبدأان بالسؤال عن أحوال كليهما وكيف أمضى كل ليلته وهما يتمازحان ويتسامران ولا يقطع متعة الحديث إلا راكب يؤشر للسائق للتوقف فيتودعان على أمل أن يكملا الطريق سوية، وبعد تلقف الراكب يتابع السير ويقرر تناول كوب من الشاي مع السيجارة ليعدل مزاج القيادة فيركن على جنب ريثما يجهز الكأس ويدفع الحساب، وبعد تناول الرشفة الأولى ينتشي فيبدأ (ماراتونه) بين السيارات وفجأة يستوقفه راكبان وعند فتح الباب يأخذ كل منهما بتوجيب الآخر تفضل أنت أولا فيقسم الآخر أن لا يصعد قبله ولا يحسمها بينهما سوى شخص يهرول من بعيد فيتدافعان للصعود مخافة ذهاب الأمكنة، وأثناء السير يشاء الحظ أن من بين الركاب طفل صغير ابن صديق الحارس الأمين يفترش حضن والده فيوقف السرفيس للسلام والتعبير عن الصدفة الجميلة بعدما فرقتهما الظروف ولا بد من تقبيل الصغير ومداعبته قليلاً وينتهي اللقاء بأمانة السلام على الأهل وبالزيارة. يأذن بالانصراف حيث لم يقطع مسافة قصيرة يستوقفه شرطي المرور و يبدأ بطرح أسئلته عليه ويخلص إلى الطلب منه التوقف على زاوية بقربه لاستكمال البيانات والأجوبة التي يبحث عنها. تبدأ علامات الدوار بالظهور على الركاب كدجاج المداجن وبعد رجاء الإسراع في الإجراءات تُستكمل الرحلة يصل البعض إلى حيث يتوجهون مخلفين وراءهم كراسي خاوية يصر السائق على ملئها فيأخذ يمينه ويبدأ الجابي بالصراخ على باب السيارة مناديا بوجهته وعقب امتلاء سيارته بالركاب يقرر الاستمرار فيرغب أحدهم بالنزول وقد فرض عليه الحال التموضع في آخر مقعد فيتساقط الناس من مطارحهم ليتمكن من الخروج ومن ثم يعودون إليها بشكل عشوائي دونما إعطاء أي أهمية لترتيب الجلوس بحسب المناطق ولو توقفوا ونزلوا وصعدوا ألف مرة المهم تمضي دقائق معدودات على شارات المرور ويمّن الله عليك بالوصول سالما غانما وبعد شهيق طويل من رحلة السفر تلك التي تشعر أنك وبلا مبالغة جلت نصف الأرض بها تستذكر جدك مترحما عليه في مقولته الشهيرة (يا مستعجل وقف لقلك).
ميساء أحمد