كتلة رواتبهم تصل إلى 800 مليون ليرة سنوياً أفراد الركب الطائر ضاقت بهم الأذرع.. ومؤسسة الطيران تعدهم بزيادة 100% ولكن بأيّ معادل؟
يبدو أن المؤسسة العامة السورية للطيران قد خضعت أخيراً لمطالب أفراد الركب الطائر من “طيارين ومهندسين وضيافة جوية” برفع قيمة التعويضات المتقاضاة عن ساعات الطيران والعمل والمبيت الخاصة بالركب الطائر، إذ إن مجلس إدارة المؤسسة قد قرر في جلسته رقم 12/2014 اقتراح زيادة تعويض ساعة العمل الساعي الممنوحة لعناصر الركب الطائر بنسبة 100%، وذلك بناء على أحكام المرسوم التشريعي رقم 14 لعام 2008 الخاص بتعويضات العمل الساعي لأفراد الركب الطائر.
مجموعة من أفراد الركب الطائر أكدوا لـ”البعث” أنه منذ صدور المرسوم 14 لم يستفيدوا من أية زيادة على الإطلاق، رغم أن المرسوم أتاح لمجلس الإدارة إضافة زيادة إلى تلك التعويضات بنسبة سنوية يقترحها المجلس.
ولا زيادة
وأوضحوا أن التعويضات قبل صدور المرسوم المذكور كانت تتم وفقاً لساعات الطيران والعمل بالعملة الأجنبية “الدولار”، وفي المبيت الخارجي حسب العملة المحلية لبلد المبيت، وبشكل تصاعدي مراعاة لغلاء المعيشة، وحسب رأيهم فإن هذه الطريقة لم تكن ناجحة لتأمين دخل ثابت لأفراد الركب الطائر بما يتناسب مع متطلبات هذه المهنة، بحيث يتناسب هذا الدخل مع مشابهاته من دخول أفراد الركب الطائر في الدول الأخرى.
وبدخول المرسوم الآنف الذكر حيز التنفيذ والتطبيق، أصبحت ساعات الطيران تُعامل بالليرة السورية واستعاض المرسوم فرق الدولار بإمكانية إضافة زيادة سنوية لتلك التعويضات بنسبة مئوية يقررها مجلس الإدارة وتوصي وزارة النقل بها رئاسة مجلس الوزراء، وحسب أفراد الركب الطائر فإن هذه الزيادة لم تتحقق مرة منذ صدور المرسوم في عام 2008، وتالياً بقاء الدخل نفسه لكل فرد من أفراد الركب الطائر على الرغم من تعديل سعر صرف الدولار إلى السعر الحالي، وهذا أدّى إلى انخفاض مستوى دخل أفراد الركب الطائر.
وأشار أفراد الركب الطائر إلى أنه عند تنفيذ المهام التدريبية الخارجية لكل أفراد الركب الطائر، تم تغيير سعر صرف الدولار حسب قيمة راتب التوظيف، ما أدّى إلى انخفاض قيمة المبلغ المحوّل إلى دولار بنسبة 300% وتغيّر المبلغ المقبوض إلى الثلث مع عدم مراعاة ارتفاع سعر صرف العملات الخاصة بالدول التي يتم فيها تنفيذ الدورات التدريبية، وهذا يشكل عبئاً إضافياً على أفراد الركب.
مقارنة
وأظهر أفراد الركب الطائر الفارق في التعويضات المتقاضاة بعد تغير سعر صرف الدولار، وبمقارنة التعويض عن ساعة الطيران والعمل بالليرة السورية، بيّنوا -على سبيل المثال لا الحصر- أن قيمة الساعة الواحدة من الطيران للطيار قائد شريحة 1 حسب المرسوم، تقارب 3250 ليرة سورية قبل ارتفاع قيمة الصرف إلى نحو 70 دولاراً، في حين تساوي الآن 17 دولاراً، والمضيف الجوي شريحة 1 يتقاضى 550 ليرة سورية، أي ما يعادل نحو 12 دولاراً وحالياً 3 دولارات.
استنزاف للكوادر
كما بيّن أفراد الركب أن الغبن الذي أصابهم طوال السنوات الماضية أدّى إلى استنزاف العديد من العاملين من أفراد الركب الطائر من طيارين وضيافة جوية ومهندسين، إذ تم استقطابهم إلى الدول المجاورة ذات الأجور العالية التي تتراوح بين 8 آلاف دولار و12 ألف دولار للطيارين، ونحو 3 آلاف دولار للمضيفين الجويين.
مصدر في المؤسسة أكد لـ”البعث” مقترح الزيادة وأن المؤسسة تعمل حالياً على تأمين الاعتمادات المالية المطلوبة لمقدار الزيادة، مع ضرورة الحفاظ على عناصر الركب الطائر في ظل الإغراءات المقدّمة من الدول المجاورة.
لا عدالة
خبير في مجال الطيران -فضّل عدم ذكر اسمه- أشار إلى أن الغاية من المرسوم 14 والمتعارف عليه بالمرسوم 105، تحقيق العدالة بين الطيارين، وفي إحدى نقاطه يمنح جميع الطيارين وبقية الركب الطائر تعويضاً عن 105 ساعات عمل طيران بغض النظر عن تحقيقها، منها 60 ساعة فعلية والبقية هي ساعات تهيئة واحتياط قبل وبعد الرحلة، لافتاً إلى أنه ونتيجة تطبيق المرسوم 14 تصل كتلة الرواتب إلى 800 مليون ليرة سورية شهرياً.
وعلّق الخبير على الزيادة المقترحة بالمرهقة للمؤسسة في ظل عدم تحقيق أغلب الطيارين ساعات الطيران المطلوبة منهم لعدم وجود طائرات كافية وخطوط جديدة.
وأوضح أنه في القراءة الرقمية وفق المعطيات وبشكل تقريبي، يمكن الحديث عن وجود 100 طيار وسطي راتب الطيار الواحد منهم يصل إلى ما بين 300 – 400 ألف ليرة، موضحاً أنه وفقاً للزيادة المقترحة يمكن أن يصل الراتب إلى 600 ألف ليرة، وبحدود 60 مليون ليرة لمائة طيار، وفي ظل وجود 350 مضيفاً جوياً يتقاضى كل واحد منهم 50 ألف ليرة، فسيصل بعد الزيادة إلى 100 ألف ليرة أي ما مقداره بالمجمل 35 مليوناً شهرياً، ناهيك عن عدد موظفي المؤسسة الذي وصل إلى أكثر من 5 آلاف موظف، وحسب الخبير عدد الطائرات العاملة حالياً يصل إلى أربع فقط والمعدل الوسطي لطيران الطائرة 12 ساعة باليوم الواحد، ما يعني بالتالي أن مجموع ساعات الطيران اليومية للطائرات الأربع يصل إلى 48 ساعة طيران يومياً وشهرياً يصل إلى 1500 ساعة، وبحسبة بسيطة ينجز الطيار الواحد فقط 15 ساعة طيران شهرياً من أصل الـ 105 ساعات الواجب تحقيقها حسب المرسوم.
سؤال
مما سبق يمكن القول: إن المؤسسة قد قصّرت بحق أفراد الركب الطائر في وقت من الأوقات وتسعى إلى تعويض التقصير من الزيادة التي اقترحتها، لكن السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان، هل هذا هو الوقت المناسب لتلك الزيادة؟وخاصة في ظل الظروف الحالية وتراجع ساعات الطيران والمناداة الدائمة للحكومة بضغط النفقات والترشيد وما إلى ذلك من إجراءات تقلل من حجم المدفوعات والنفقات، وهذا في الحقيقة وضع لا تحسد عليه.
دمشق – محمد زكريا