اقتصادصحيفة البعث

معاناتنا في إداراتنا وأولوياتنا..!!

قسيم دحدل

لم يزل موضوع تأمين مواد الطاقة، وخاصة المازوت والغاز والكهرباء، معضلة حقيقية في وقائعها، لكن ليست حقيقية في أسبابها إلى حدّ كبير، إذ يؤخذ على الحكومة سوء تعاطيها مع هذا الملف وإدارتها له، حتى بات ملفاً مزمناً يتكرر ويتفاقم مع قدوم فصل الشتاء!!.

تفاقم لم يتمّ كبح جماحه، حتى غدونا لا ندري إن كانت المشكلة تكمن في نقص تلك المواد فعلاً، أم في تمويل استيرادها، أم في القدرة على تأمينها من أي مكان، في وقت نشهد توفرها بطرق وأماكن مختلفة، وبإمكان أي أحد الحصول عليها، وتحديداً مادتي المازوت والغاز، إن كان يمتلك المال، والأمثلة شاهدة!.

كما لا ندري لماذا يتمّ التعامي عن الخلل الكبير الذي يقع نتيجة لعدم توفير تلك المواد بالحدّ المناسب، كي نتلافى انعكاسات عدم التوفر بالطرق السليمة وبالأسعار المُستطاع عليها، فتوفر مادتي المازوت والغاز معاً، أو الأولى شتاء، ينعكس إيجاباً على قطاع الكهرباء ومنظومتنا الكهربائية بشكل واضح، لناحية التخفيف كثيراً من “التحامل” على التيار الكهربائي، وبالتالي التخفيف أكثر من الأعطال والصيانات والإصلاحات والاستبدالات التي تحتاجها بوتيرة متكررة تكاد تكون ساعية نتيجة للحمولات الهائلة على الشبكة، ما يعني وفراً مالياً هائلاً يستنزف الخزينة العامة يومياً.

ونكاد نجزم أن كل ليتر من المازوت، أو أسطوانة غاز، يتمّ توفيرهما لكل عائلة ومنزل (يُدعى أن الاستهلاك المنزلي من الكهرباء يصل لنسبة 51% من إجمالي الطاقة المُنتجة..)، نكون بذلك قد حمينا وحافظنا على منظومتنا الكهربائية، لأن ذلك يحدّ كثيراً من اعتماد المواطن شبه الكلي على الطاقة الكهربائية في تلبية احتياجاته اليومية من الطاقة، حيث إن ضعف تأمين المازوت، وطول مدة الحصول على أسطوانة الغاز، يعني وبشكل مؤكد وقوع جور كبير على منظومتنا الكهربائية وظلم لها.

بناء عليه، لا يمكن للكثير منا تصديق عدم قدرة الحكومة على تأمين تلك المواد (المتواجدة وقت نشاء في السوق السوداء..!) في الوقت المناسب، أي قبل حلول فصل الشتاء..!، بل يذهب العديد من “المطلعين” للتأكيد أن الحكومة قادرة، لكن السؤال لماذا لا تفعل؟ فهذا جوابه قد يكمن “لغاية في نفس يعقوب”!!.

ولعله ليس من نافل القول إن حكومة باستطاعتها منح قرض قدره 420 ألف ليرة لأكثر من 3 ملايين عامل وموظف في الدولة وبدون فوائد، كما باستطاعتها تحميل الخزينة العامة للدولة كافة الأعباء المالية المترتبة على ذلك (العمولة السنوية على القرض البالغة 5%)، لهي قادرة على تأمين مواد الطاقة. إذ أن المشكلة ليست في تأمين النقد الكافي، كما أنها ليست في عدم القدرة على تأمين تلك المواد، ولا في جلبها، بل هي في اختلاف الأولويات بين الحكومة والمواطن، علماً أن الحكومة ذاتها تدّعي أن تأمين متطلبات المواطن أولوية الأولويات!!.

إن أولويات المواطن حالياً، سواء أكان عادياً أم مستثمراً، صناعياً أم تاجراً، هي تأمين حوامل الطاقة. وعليه، لا نعتقد أن هناك ما يمنع أن يكون هذا أولوية للحكومة، فالبرد يكاد يجمد الدم في العروق، وندرة الكهرباء ذهبت بعيون طلابنا، والإنتاج بكل أوجه النشاط الاقتصادي يكاد يتجمد أيضاً، والسبب أننا لم نتعلم الدرس رغم تكرره كل عام، ولم ندرك بعد أن أولوياتنا يجب أن تكون تأمين الاحتياجات والمتطلبات الأساسية.

Qassim1965@gmail.com