رغم سجل آل خليفة الطويل في قمع الحريات وتعذيب المعارضة قاعدة بريطانية جديدة في البحرين لدعم ديكتاتورية المشايخ
منها إبرام اتفاقيات مع عدد من الدول، وإقامة قواعد عسكرية بهدف دعم نظام الحكم في هذا البلد والحفاظ عليه، وكان آخرها إعلان وزارة الخارجية البريطانية، السبت، أن لندن والمنامة وقعتا اتفاقاً يسمح لبريطانيا بإقامة قاعدة عسكرية جديدة في البحرين، “من أجل تعزيز التعاون في مواجهة التهديدات في المنطقة”، حسب زعمه.
القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة في البحرين أكدت أن السماح لبريطانيا بإقامة قاعدة عسكرية جديدة في البحرين يعزز التواجد العسكري الأجنبي الدائم في البلاد، ويحوّلها إلى مرتكز لانطلاق العمليات العسكرية في المنطقة، الأمر الذي يضع البلاد في بؤرة التوتر والتداعيات التي تشهدها دول الإقليم.
ونقل موقع جمعية الوفاق البحريني عن قوى المعارضة قولها: إن “الاتفاقية التي وقعتها مؤخراً الحكومتان البحرينية والبريطانية لتوسيع القاعدة العسكرية البريطانية في ميناء سلمان، تشكل قلقاً متزايداً لأبناء البحرين وأبناء دول مجلس التعاون الخليجي، وخصوصاً أنها تأتي بعد أكثر من أربعة عقود من الانسحاب العسكري البريطاني من الخليج وحصول دوله على الاستقلال السياسي، وإن إعادة تمركز القوات العسكرية البريطانية في البلاد بالوقت الراهن هي مبعث قلق شديد لعودة هذه القوات مرة أخرى إلى بلادنا تحت يافطات متعددة”.
وأضافت القوى المعارضة: “إن إعادة تمركز القوات العسكرية البريطانية في المنطقة تذكر بالدور الاستعماري الذي مارسته بريطانيا، ومسؤوليتها التاريخية في تأسيس الكيان الإسرائيلي، عندما ساعدت الحركة الصهيونية العالمية على طرد الفلسطينيين من أراضيهم، ومنحها وعداً من وزير الخارجية البريطانية بلفور في العام 1917، ومساعدة العصابات الصهيونية على ارتكاب المجازر ضد الفلسطينيين واحتلال أرضهم”، ولفتت إلى أن المنطقة تتعرض لضغوطات دولية كبيرة للدخول في حروب إقليمية، في وقت يتمّ تغييب الرأي الشعبي، الذي هو شرط ضروري، لاتخاذ أي موقف يحمّل البلاد مسؤوليات وأعباء داخلية وخارجية، مؤكدة أن على النظام السياسي في البحرين الاحتكام للرأي الشعبي والقوى الفاعلة فيه لأخذ رأيه في إبرامه للاتفاقيات الأمنية والعسكرية التي يعقدها مع الدول الأخرى، باعتبار أن الشعب مصدر السلطات جميعاً، ولا يجوز القفز على صلاحياته بتوقيع اتفاقيات لتشييد أو توسيع قواعد عسكرية دائمة مع بريطانيا أو غيرها من الدول.
وأكدت القوى المعارضة أن عقلية الحكم في البحرين هي أساس المشكلة، وما لم تتغيّر عقلية الحكم، فستبقى البحرين تعيش الأزمات المتعاقبة والمتراكمة والفوضى الإدارية والشللية، وطغيان فكر الاستعباد لكل المواطنين بلا استثناء، وما دامت السلطة في يد واحدة تستحوذ على كل شيء وتدير وتتحكم في كل شيء.
ولا تزال سلطات آل خليفة تستخدم القوة والعنف، وتقمع المظاهرات الشعبية السلمية الرافضة للانتخابات البرلمانية والبلدية التي شهدت إعراضاً شعبياً كبيراً عنها عبّر عن فشلها.
في سياق متصل اعتبر الكاتب البريطاني باتريك كوكبيرن أن اختيار بريطانيا الذي وقع على البحرين من أجل إنشاء قاعدة عسكرية جديدة، واستثمار ما يقارب 15 مليون جنيه استرليني فيها “غريب للغاية”، بالنظر إلى سجل هذه “المملكة الاستبدادية” الطويل من قمع الحريات وعمليات التعذيب بحق المعارضين لنظام الحكم فيها.
وفي معرض تعليقه على الاتفاق الذي وقعته لندن والمنامة، رأى كوكبيرن في مقال نشرته صحيفة “الأندبندنت” البريطانية أن هذا الاتفاق سيعمل على إبراز بريطانيا بوصفها “القوة الاستعمارية القديمة” التي تساند نظام الحكم البحريني المتمثل بسلطات آل خليفة، التي تسحق دون رحمة الأصوات المطالبة بحقوق الإنسان والديمقراطية، وأضاف: إن إنشاء قاعدة بريطانية في البحرين هو عبارة عن “اختيار رمزي”، دون وجود أي توضيحات أو مبررات منطقية لهذه الخطوة، ولفت إلى أن اختيار بريطانيا للبحرين من أجل هذا التعاون العسكري يظهر بطريقة أو بأخرى النفاق الواضح في السياسة المتبعة من قبل الحكومتين البريطانية وشريكتها الأمريكية، ولاسيما فيما يتعلق بحقوق الإنسان والدفاع عن المطالب الديمقراطية، حيث لا يخفى على أحد سجل البحرين الحافل بانتهاكات حقوق الإنسان وعمليات التعذيب بحق المعارضين والمطالبين بالحريات الأساسية، لكن لندن وواشنطن تتغاضيان عن هذه الانتهاكات.
ووفقاً لمحللين فإن القاعدة الجوية التي تعتزم بريطانيا إقامتها في البحرين لن تستخدم في الضربات الجوية ضد تنظيم داعش الإرهابي، لكنها ستسمح لبريطانيا بنشر المزيد من السفن الحربية في مياه الخليج، كما سيكون للحكومة البريطانية خيارات أكثر لاستعراض القوة العسكرية في المنطقة وتعزيز قدرتها على شن غارات جوية فيها.