الصفحة الاولى

في ظل حكم أردوغان المصاب بـ"بجنون العظمة" حرية التعبير في تركيا في الحضيض

ندد الكاتب التركي اورهان باموك، الحائز جائزة نوبل للآداب 2006، بأجواء الخوف السائدة في تركيا والضغوط التي يمارسها النظام الأردوغاني على حرية الصحافة، وذلك في حديث نادر نشرته، أمس، صحيفة تركية.
وقال باموك لصحيفة حريات بمناسبة نشر روايته الأخيرة، التي لم تترجم بعد وذلك بعد ست سنوات من نشر آخر كتبه متحف البراءة، إن الأسوأ هو الخوف. ألاحظ أن الجميع خائفون، وهذا ليس طبيعياً، حرية التعبير تدنّت حتى أصبحت في الحضيض، وأعرب عن الأسف من الضغوط التي يمارسها النظام على الصحافة بشكل عام في تركيا، لا سيما عبر القضاء، وتسريح صحافيي المعارضة.
وقالت وسائل إعلام تركية: إنه تمّ استبعادها من المشاركة في الأحداث الصحفية للحكومة، في خطوة تصفها بأنها دليل على تدهور الحريات الصحفية في تركيا.
يذكر أن تركيا تحتل مرتبة متدنية على صعيد حريات الصحافة، وفقاً لقائمة منظمة مراسلون بلا حدود، حيث تحتل المرتبة 148 من أصل 179 دولة.
وقال الأديب (62 سنة): إن “الكثير من أصدقائي يقولون لي: إن هذا الصحافي أو ذاك طرد من عمله، حتى أن أقرب الصحافيين من السلطة تعرضوا إلى الطرد، لم أر قط شيئاً كهذا في أي مكان آخر.
ودفعت هيمنة أردوغان، المصاب بجنون العظمة، على وسائل الإعلام تركيا المرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي نحو مؤخرة التصنيف العالمي للحريات الصحفية، ففي تقريرها لشهر تشرين الأول عن التقدّم الذي أحرزته تركيا من أجل الانضمام للاتحاد الأوروبي أثارت المفوضية الأوروبية المخاوف بشأن حرية الصحافة في تركيا، وطالبت الحكومة بتشجيع الحوار عبر أنحاء الطيف السياسي.
كذلك أعرب الكاتب، الذي ألّف عدة كتب حول مسقط رأسه اسطنبول، عن الأسف لتصريحات “سلطان الدواعش” رجب طيب أردوغان الأخيرة، الذي قال: إن ليس هناك مساواة بين الرجل والمرأة “لأن ذلك ضد الطبيعة البشرية”، مثيراً ضجة عالمية.
وقال باموك: إن آخر رواياتي تتناول الاضطهاد الذي تتعرض له النساء في تركيا، إذا انتقدنا تركيا بنظرة من الخارج فسيكون حول مكانة المرأة في المجتمع وسياسيونا يدلون بتصريحات متهورة في هذا الشأن وكأنهم يريدون إثارة شجار، في إشارة واضحة إلى ذلك الجدل الذي تسبب فيه أردوغان.
ويعتبر باموك الكاتب التركي الأكثر رواجاً في العالم من حيث بيع كتبه، والذي ترجم إلى ستين لغة، وكان أيضاً أول كاتب تركي يحوز جائزة نوبل.
يشار إلى أنه منذ تسلم أردوغان رئاسة الحكومة، وحتى تسلقه إلى منصب الرئاسة، تعرض مئات الصحفيين للسجن بتهم مفبركة تتصل بالارتباط بمنظمات إرهابية، كما أصدر العديد من القوانين القمعية لحرية الصحافة.
وكان الاتحاد الأوروبي وجه أواخر الشهر الماضي انتقاداً شديد اللهجة لحكومة حزب العدالة والتنمية في تركيا لإصدارها قراراً بحظر النشر في التحقيقات المتعلقة بقضايا الفساد، مؤكداً ضرورة استمرار وسائل الإعلام في أداء دورها اللازم باعتبارها عين الرقابة الشعبية.
هذا وتتسع رقعة الاحتجاجات على سياسة أردوغان، بسبب سياسته الخارجية المضطربة، وهنّاته الداخلية في العديد من القضايا المتعلقة بالحريات العامة، وأفادت وسائل إعلام محلية أن محتجاً  توفي في المستشفى بعد أن أصيب بعيار ناري خلال احتجاج في جنوب شرق تركيا.
ويرى مراقبون أن عواصف الاحتجاجات تحيط بالنظام التركي من كل جانب، وعلى أكثر من صعيد، وأن ارتفاع منسوب الانتقادات الموجهة له لم يأت من فراغ، بل جاءت نتيجة تراكمات أججت الغضب الشعبي ضد أردوغان، وخاصة دعمه تنظيم “داعش” في سورية والعراق، والسماح للإرهابيين بالمرور من الأراضي التركية.
وطالبت أحزاب المعارضة المجتمع الدولي بضرورة تشكيل لجنة تقصي حقائق للوقوف خلف ما يجري على الحدود التركية السورية، خاصة بعد تنفيذ “داعش” عمليات انتحارية في مدينة عين العرب السورية قادمين من الحدود التركية.
وأثار السلطان العثماني غضب منتقديه والمدافعين عن الحريات الشخصية في تركيا، عندما أعلن أنه لا مساواة بين الرجل والمرأة، وسارعت المنظمات الحقوقية المحلية والدولية إلى وضع خطوط حمراء تحذّر أردوغان من المساس بمكتسبات المرأة التركية، وأكد أن الرئيس التركي، الذي يتبجح بالديمقراطية، لا يعرف حتماً قواعد العمل الديمقراطي، بما أنه حكم على نصف الشعب التركي بالمكوث في المنزل.
وضيّقت هذه القضية الخناق على الرئيس التركي، وزادت من عزلته المتفاقمة، ورجح مراقبون أن تعيد الهزات المتتالية للنظام التركي صخب الاحتجاجات في عديد المدن التركية في ظل التذمر الكبير من السياسة العرجاء للرئيس الحالي لتماثل احتجاجات ميدان التقسيم في تركيا التي حصلت في شهر أيار عام 2013 عندما كان أردوغان رئيساً للوزراء.