بعد أكثر من ألف غارة جوية.. "داعش" يتمدد إلى ليبيا الانتقادات الحادة لاستراتيجية أوباما "المتصدّعة" تصل الكونغرس
وجّه أعضاء في مجلس النواب الأميركي انتقادات حادة إلى الإدارة الأميركية بسبب استراتيجيتها “المتصدعة” لمحاربة “داعش” في سورية والعراق، وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية النائب الجمهوري إد رويس: إنه “بعد أربعة أشهر على بدء الحملة الجوية التي تقودها الولايات المتحدة لا يزال “داعش” يسيطر بشكل عام على نفس رقعة الأراضي التي كان يسيطر عليها هذا الصيف، فيما كشفت دراسة جديدة أعدتها هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” بالتنسيق مع معهد “كينغز كوليدج” في لندن أن الهجمات التي نفذتها التنظيمات الإرهابية الشهر الماضي أدت إلى مقتل أكثر من خمسة آلاف شخص في مناطق مختلفة من العالم، مع تصدر تنظيم “داعش” قائمة هذه التنظيمات بوصفه الأكثر دموية، ما يثبت أن التطرف “أقوى من أي وقت مضى” رغم ضعف دور تنظيم القاعدة.
وتعني نتائج هذه الدراسة، وهي الأولى من نوعها بحيث لا يمكن مقارنتها مع أية إحصاءات شهرية سابقة، أن 170 قتيلاً سقطوا يومياً خلال تشرين الثاني بهجمات شنها تكفيريون في العالم.
وأوضحت الدراسة أن تحليل الخسائر البشرية الناتجة عن الهجمات التي شنها تنظيم القاعدة الإرهابي، والمجموعات المتفرعة عنه والتي تحمل الأيديولوجيات ذاتها، تشير إلى أن الهجمات وعمليات القتل شملت أربعين بلداً، يأتي في مقدمتها العراق، وقد تحمّل المدنيون العبء الأكبر من العنف، وأكدت أنه من بين 16 تنظيماً إرهابياً ضالعاً في سفك الدماء كان تنظيم “داعش أكثرها دموية، وذكرت أن 664 هجوماً وقعت في 14 بلداً، خلال الشهر الماضي.
وبيّنت الدراسة أن أربع دول وهي العراق وسورية ونيجيريا وأفغانستان تكبّدت 80 بالمئة من الخسائر والضحايا في تلك الهجمات، وأن عدد القتلى الإجمالي في أربعين بلداً بلغ 5042 قتيلاً، وأوضحت أن 1770 شخصاً قتلوا في العراق وحده جراء 233 هجوماً إرهابياً تنوّع ما بين إطلاق للرصاص وهجمات انتحارية.
من جهته قال البروفيسور بيتر نيومان أستاذ الدراسات الأمنية في معهد كينغز كوليدج أن تنظيم “داعش” فاق، إن لم يكن قد حلّ محل تنظيم “القاعدة” في تزعم ما يسمى “الجهاد عالمياً”، فيما قالت الدراسة: إن تلك البيانات “توضح أن الجهاديين والقاعدة لم يعودوا جبهة واحدة”، فـ 60% من عمليات القتل نفذتها جماعات ليس لها علاقات سابقة بتنظيم القاعدة، مشيرة إلى ظهور “حركة متزايدة الطموح والتعقيد والتطور والانتشار”، وتابعت: “يبدو من الواضح أن الحركة الجهادية أقوى من أي وقت مضى، وأن مواجهتها ستشكل تحدياً على مدى جيل”.
كل ذلك يؤكد، لمن لا يريد أن يفهم ويسمع ويرى، أن الحملة الأمريكية المزعومة والتحالف الدولي لمواجهة تنظيم “داعش” ليست سوى محاولة لإعادة بسط الهيمنة الأمريكية على المنطقة.
إلى ذلك، بدأ تنظيم داعش الإرهابي يمتد تدريجياً إلى ليبيا، حيث بدأ إرهابيو هذا التنظيم بإقامة معسكرات تدريب شرق هذا البلد، ووجود عناصر متطرفة في الشرق من البلاد ليس أمراً جديداً، فمنذ 2011 تنتشر المجموعات المتطرفة في درنة، وخاصة ما يُسمى “أنصار الشريعة” التي صنفتها الأمم المتحدة جماعة إرهابية، وقالت الغارديان: إن تنظيم داعش الإرهابي يوجد في درنة أو على الأقل مجموعات تدعمه وقدّمت الولاء للتنظيم الإرهابي، وأضافت: هؤلاء الناس يستغلون الفوضى السياسية لكي يفرضوا أنفسهم، وأوضحت أن معسكرات التدريب أولاً أنشئت في درنة لاعتبارات جغرافية، كالتضاريس الجبلية التي تجعل من الصعب السيطرة على العمليات التي تنفذ، ومؤخراً انتشر الجهاديون داخل المدينة نفسها ويمكن رؤيتهم في كل مكان وعددهم كبير ويشملون مختلف الجنسيات الذين انضموا إلى ليبيا عن طريق البحر.
وقال الشيخ عادل الفايدي أحد مسؤولي مجلس المصالحة الوطنية في ليبيا: “إن عناصر التنظيم في درنة وجهوا أخيراً تهديدات لقادة القبائل في الجبل الأخضر والشرق الليبي، كما أكد وجود معسكرات للتدريب في درنة تمّ توسيعها أخيراً إلى مناطق أخرى، وأن “الجهاديين” منتشرون بأعداد كبيرة وهم من جنسيات مختلفة.
ويرى مراقبون أن توسيع نفوذ المتطرفين إلى خارج مدينة درنة، ومحاولة التسلل وبسط الهيمنة على مدن ليبية أخرى، لها حاضنة شعبية تروم التطرف، لن يكون كارثياً على ليبيا فقط، بل سيهدد شمال إفريقيا ومنطقة الساحل الإفريقي، التي تعج بالفكر المتشدد، خاصة في مالي والنيجر.
وحذّر خبراء من مغبة التساهل من محاولة المتطرفين التحرك خارج درنة وتوسيع رقعة أعمالهم المتطرفة، ما يشكل نقلة نوعية في طبيعة العمل الإرهابي في شمال إفريقيا.