رسالة من الرئيس الأسد للرئيس الإيراني تتعلق بتطوير العلاقات في شتى المجالات
روحــانــي: إلــى جـانـب الـشـعب الــســـوري فــي مـــحــاربـــة الإرهــــاب وتــعــزيــز صـمـوده
الحلقي: التحالف الاستراتيجي بين البلدين المقاومين أسقط المشاريع الغربية المعدة للمنطقة
بعث السيد الرئيس بشار الأسد رسالة إلى الرئيس الإيراني حسن روحاني، نقلها الدكتور وائل الحلقي رئيس مجلس الوزراء، تتعلق بتطوير وتنمية آفاق العلاقات الثنائية في شتى المجالات، والارتقاء بها لتشمل مجالات جديدة، تعزز أواصر التعاون الثنائي، بما فيه مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين، والإرادة المشتركة في مواجهة المخططات الصهيوأمريكية والغربية وعملائها في المنطقة، والدعم المادي والمعنوي والعسكري، الذي تقدّمه هذه الدول للتنظيمات الإرهابية المسلحة.
وعبّر روحاني خلال لقائه رئيس مجلس الوزراء عن شكره للرئيس الأسد على رسالته، وما تضمنته من مشاعر ومواقف صادقة تجاه القيادة والشعب الإيراني، مؤكداً وقوف إيران إلى جانب الشعب السوري في محاربته للإرهاب، وتعزيز صموده، الذي كان ثمرة لتلاحمه مع جيشه وقيادته، وعلى رأسها الرئيس الأسد، وشدد على أن المؤامرات العالمية التي تحاك ضد إيران لن تحول دون استمرار دعمها لسورية حكومة وشعباً، ومن الأهمية الإشارة إلى أن من قام بدعم التنظيمات الإرهابية بدأ يدرك أن الدعم العسكري والمالي لهذه التنظيمات لا يمكنه إسقاط القيادة الشرعية في سورية.
وتناول الحديث خلال اللقاء تسارع المصالحات الوطنية بين أبناء الشعب السوري والحوار الوطني السوري-السوري دون تدخل خارجي.
من جانبه شكر الدكتور الحلقي الرئيس روحاني على مواقفه المشرفة تجاه الشعب والقيادة والجيش في سورية وإيمانه بالنصر على هذه المؤامرة، مؤكداً أن سورية بالتوازي مع محاربة الإرهاب تسعى لتحقيق المصالحات الوطنية وتعزيز قدرات الشعب السوري الاقتصادية.
وقدّم الحلقي عرضاً لنتائج الاجتماعات التي أجراها مع المسؤولين الإيرانيين، والتي تمخضت عن نتائج إيجابية تعزز علاقات التعاون الاقتصادية والتجارية والتقنية والصناعية والزراعية وتأمين مستلزمات الصمود للشعب السوري.
حضر اللقاء من الجانب السوري المهندس عماد خميس وزير الكهرباء، والمهندس سليمان العباس وزير النفط والثروة المعدنية، وكمال الدين طعمة وزير الصناعة، والدكتور نزار يازجي وزير الصحة، وتيسير الزعبي الأمين العام لمجلس الوزراء، والدكتور عدنان محمود السفير السوري في طهران، وعن الجانب الإيراني محمد جواد ظريف وزير الخارجية، وعباس أخوندي وزير الطرق وبناء المدن، والسفير الإيراني في دمشق محمد رضا شيباني.
كما بحث الحلقي والأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني خلال لقائهما التعاون الثنائي المستقبلي في كل المجالات وخاصة التجارية والصناعية والزراعية وتوطين المشاريع الاستثمارية المشتركة، وشدد الحلقي على أن التحالف الاستراتيجي بين سورية وإيران يعزز الأمن القومي للبلدين، اللذين يشكلان الخندق الأول المدافع عن قضايا المنطقة وهموم شعوبها في وجه المطامع الغربية والصهيونية.
من جهته نوّه شمخاني بالانتصارات الباهرة، التي يحققها الشعب السوري على الإرهاب، معرباً عن الثقة بأن صمود الشعب السوري وتعزيز محور المقاومة يشكلان هزيمة لأعداء سورية وإيران، مشدداً على أن الإرهاب الذي تواجهه سورية هو إرهاب همجي لا دين ولا وطن له، وأن إيران لن تسمح له بالتمادي، وقال: إن إيران وسورية وبفضل تعاونهما الاستراتيجي سيجتثان معاً جرثومة الإرهاب وسيحتفلان معاً بالنصر عليه.
وصباحاً بحث اسحق جهانغيرى النائب الأول للرئيس الإيراني والحلقي واقع العلاقات الاقتصادية والتجارية والتنموية السائدة بين البلدين، وآليات تفعيلها وتنميتها لما فيه مصلحة الشعبين الصديقين وتعزيز صمود الشعب السوري أمام الحرب الكونية التي يواجهها، وذلك من خلال توسيع مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري، ومشاركة إيران بإقامة مشاريع استثمارية في سورية والمساهمة بإعادة إعمارها، وتأمين المستلزمات المعيشية للشعب السوري في ظل ظروف الحرب والحصار الاقتصادي الجائر.
وأكد الحلقي خلال اللقاء أن هاجس الحكومة السورية اليومي هو تأمين مستلزمات صمود الشعب السوري وتوفير كل المتطلبات المعيشية له بما فيها المواد الغذائية والتموينية والمشتقات النفطية، لافتاً إلى أن الحكومة السورية تعلّق الآمال الكبيرة على العلاقات الثنائية لتأمين متطلبات الشعب السوري الصامد في وجه حرب إرهابية كونية دمرت مقدراته وما بناه على مر العقود، وقال: إن الشعب السوري دفع ثمن مقاومته للمشاريع الصهيوأمريكية المعدة للمنطقة، ولكن بفضل إرادته وصموده سينتصر ويحقق النصر الأكبر، وستبقى سورية رمزاً للمقاومة والصمود وقلعة شامخة بوجه الأعداء، موضحاً أن التحالف الاستراتيجي بين البلدين المقاومين أسقط المشاريع الغربية المريبة المعدة للمنطقة.
وأبدى الدكتور الحلقي الترحيب بقيام الشركات الإيرانية ورجال الأعمال بإقامة مشاريع استثمارية لهم في سورية والمشاركة بمرحلة إعادة البناء والإعمار.
الحكومة الإيرانية حريصة على المشاركة بإعادة إعمار سورية
وأكد جهانغيري أن سورية تتعرض لمؤامرة ساهمت بها بعض دول المنطقة والدول الغربية، وهي مؤامرة صهيونية للمساس بنهج المقاومة، حيث كانت سورية وما زالت بالخط الأمامي للدفاع عن هذا النهج، مشدداً على أن صمود الشعب والجيش في سورية أفشل هذه المخططات والمؤامرات، وجدد وقوف بلاده إلى جانب الشعب والقيادة في سورية في تصديهم لهذه المؤامرة الكبرى التي ستهزم، وثقته بأن يحقق الشعب السوري النصر ويسهم بإعادة إعمار وبناء بلاده، مؤكداً حرص الحكومة الإيرانية على المشاركة بإعادة إعمار سورية.
مؤتمر صحفي مشترك
وخلال مؤتمر صحفي مشترك عقده مع جهانكيري، قال الحلقي: إننا استعرضنا في هذه الزيارة كل سبل التعاون بين بلدينا وشعبينا وتطرقنا إلى تعميقه وترسيخه في جميع المجالات، ومنها السياسية والاقتصادية، واتفقنا على استمرار هذا التنسيق بكافة مستوياته، واستمرار هذا الدعم وخاصة الجانب الاقتصادي بما يعزز شروط الرفاه للشعب السوري، وأضاف: نحن في خندق واحد ونواجه عدواً واحداً، كما أننا نواجه الإرهاب العابر للحدود، فسورية أخذت على عاتقها التصدي لهذا الإرهاب العالمي الذي يتدفق من أكثر من ثلاث وثمانين دولة، وقد استطاعت سورية تحقيق المزيد من الانتصارات بفعل مهارات الجيش العربي السوري، وهي تستكمل انتصاراتها في كل يوم، وكل ذلك لم يكن ليتم لولا الدعم الكبير الذي تتلقاه الحكومة السورية من الكثير من الأصدقاء، وعلى رأسهم إيران، وتابع: سيتم التنسيق عالي المستوى فيما يخص ملف الإرهاب، وسنمضي معاً في إطار تفعيل الحوار السوري-السوري بالتنسيق مع الأصدقاء أيضاً في روسيا الاتحادية بما يحقق طموحات وآمال الشعب السوري، وسيتمّ التنسيق أيضاً فيما بين قيادتينا بما يخص التعاطي بايجابية مع دي ميستورا.
من جهته أكد جهانكيري أن سورية تمر حالياً في ظروف صعبة وعلينا أن ندعمها ونساعدها، خاصة أنها تعتبر من أركان محور المقاومة المهمة، مشيراً إلى أن العلاقات الاقتصادية بين إيران وسورية متطوّرة ومتعددة، ونسعى لزيادتها فيما يتعلق بقطاع الكهرباء والتصدير وإنتاج الكابلات والاسمنت، وشدد على مواصلة التعاون بين البلدين على المدى البعيد في مختلف المجالات.
مباحثات موسعة
بعد ذلك بدأت في طهران جلسة المباحثات الرسمية السورية الإيرانية بين وفدي البلدين برئاسة كل من رئيس مجلس الوزراء والنائب الأول للرئيس الإيراني، شدد خلالها الدكتور الحلقي على أن الشعب السوري العظيم يشق طريقه نحو النصر المؤزر، حيث استطاع دحر وهزيمة أعتى حرب كونية إرهابية واجهتها البشرية بفضل صموده الأسطوري الذي سطر من خلاله ملاحم في العزة والإباء والدفاع عن وطنه، بفضل تلاحمه مع القيادة والجيش ووقوف الأصدقاء إلى جانبه وعلى رأسهم إيران قلعة المقاومة والصمود ودولة التطور والنماء والتي أصبحت في مصاف الدول المتقدمة تقنياً وعلمياً واقتصادياً، والمدافع الحقيقي عن القضايا المصيرية لشعوب المنطقة وعامل الاستقرار الأساسي والبناء.
وأوضح الدكتور الحلقي أن التنسيق والتعاون المستمر بين البلدين في المجالات كافة وخاصة الاقتصادية والخدمية ساهم في الحد من معاناة الشعب السوري في وجه الحصار الاقتصادي الجائر، مشيراً إلى أهمية إقامة مشاريع مشتركة في إطار التعاون وإعادة إعمار سورية.
وقال رئيس مجلس الوزراء: رغم معاناة الشعب السوري إلّا أنه يزداد صبراً وتمسكاً بوحدته الوطنية وتعاضده مع الجيش الذي يسطر ملاحم العزة والانتصار، مؤكداً أن المصالحات الوطنية تسير بشكل ناجح في كل المحافظات السورية بالتوازي مع مكافحة الإرهاب من أجل تحقيق المصلحة الوطنية وإعادة الأمن والاستقرار والانطلاق إلى مرحلة البناء والإعمار.
ودعا الحلقي الشعب الإيراني ورجال الأعمال في إيران إلى الاستثمار في سورية لتأمين مستلزمات صمود الشعب السوري، مؤكداً أن الهدف الأول من هذه الاجتماعات هو إيجاد آليات عمل جديدة تعزز التواصل والتنسيق الدائم بين البلدين على كل الصعد، والتي ستتوج بتوقيع المزيد من اتفاقيات التعاون الثنائي في المجالات كافة بما يساعد على توطين الاستثمارات في سورية، والتي تشمل قطاعات النفط والصناعة والزراعة والسياحة وتوسيع قاعدة التجارة البينية، مشيراً إلى أن هذه الزيارة سترسم المزيد من الرؤى لتعزيز وتنمية العلاقات، والتي ستعود بالمنفعة على الشعبين والبلدين الصديقين، ولفت إلى أن سورية وإيران يشكلان الرافعة الحقيقية لمحور المقاومة والدفاع عن قضايا المنطقة وآمال وتطلعات شعوبها، مؤكداً أنه ستتكسر على عتبات هذا المحور كل مشاريع الأعداء وخططهم المعدة لزعزعة استقرار المنطقة ونهب ثرواتها.
من جهته أكد جهانغيري أن لسورية مكانة متميزة في العالم الإسلامي بفضل تمسكها بنهج المقاومة ودفاعها عن قضايا المنطقة، وجدد تأكيده على مواصلة الحفاظ على العلاقات الاستراتيجية بين سورية وإيران وتطويرها وتنميتها، وقال: إن إيران ستكون دائماً إلى جانب الشعب السوري في كل المجالات، معرباً عن ثقته بأن هذه الاجتماعات ستتمخض عن نتائج طيبة في تعزيز التعاون المشترك.
وتناول الحديث خلال المباحثات واقع العلاقات الثنائية في المجالات الاقتصادية والصناعية والتجارية والمصرفية والزراعية، والاتفاقيات الموقعة بين الجانبين، وأهمية توقيع اتفاقيات جديدة لتعزيز التعاون المشترك، وكذلك آليات انسياب السلع الإيرانية في الأسواق السورية، وتوفير المشتقات النفطية من خلال ضمان تواتر وصول ناقلات النفط إلى المرافئ السورية لضمان سد احتياجات الشعب السوري منعاً لحدوث أي اختناقات بالإضافة إلى آليات توفير قطع الغيار اللازمة للمعامل والشركات السورية والمشافي ومحطات الطاقة الكهربائية، وتوطين مشاريع استثمارية وتعاون مشترك بين البلدين، وإقامة مناطق حرة مشتركة، وتعزيز التعاون في مجال النقل والصناعات المشتركة وكذلك صناعة الفوسفات والأسمدة ومحطات طاقة ريحية، وإعادة تأهيل بعض المعامل والمنشآت التي تضررت بفعل الإرهاب، ومشاريع الإسمنت وصوامع الحبوب والطاقة الكهربائية والزراعة بالإضافة إلى القطاع الصحي والدوائي والمصرفي والنقل السككي والبري والبحري.
حضر المباحثات عن الجانب السوري وزراء الكهرباء والصناعة والصحة والنفط والثروة المعدنية والأمين العام لمجلس الوزراء ورئيسة هيئة التخطيط والتعاون الدولي ريما القادري وحاكم مصرف سورية المركزي الدكتور أديب ميالة ومدير المصرف التجاري ومدير عام مؤسسة التجارة الخارجية ومدير مكتب تسويق النفط والسفير السوري في طهران، كما حضر عن الجانب الإيراني وزير الطرق وبناء المدن، وحميد جيت جيان وزير الطاقة، ومحمد خباز زادة وزير الصناعة، ورستم قاسمي رئيس لجنة تنمية العلاقات الاقتصادية بين البلدين، ونائب وزير الصحة الإيراني، ونائب حاكم البنك المركزي الإيراني، والمدير العام في وزارة الخارجية، وعدد من ممثلي مختلف الوزارات في إيران، وسفير إيران بدمشق.
الحل لن يكون إلا سورياً
وبحث الحلقي مع وزير الخارجية الإيراني أهمية التنسيق السياسي والدبلوماسي بين البلدين على الصعيدين الإقليمي والدولي ودوره في تعزيز مواقفهما في المحافل الدولية ومبادرة مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية ستيفان دي ميستورا، وشدد رئيس مجلس الوزراء على أن الحكومة السورية تحارب الإرهاب أينما وجد على الأرض السورية، وستقضي على التنظيمات الإرهابية المسلحة وتعيد الأمن والاستقرار، وبالتوازي تسعى لإنجاح المصالحات الوطنية، التي تتنامى وتتسارع بفضل إرادة السوريين وعزمهم وتصميمهم، وأن الحل لن يكون إلّا سورياً، وبضمانة سورية، دون تدخل خارجي، من أجل الوصول إلى المصالحة الوطنية الشاملة.
من جانبه أكد ظريف أن إيران كانت وما زالت وستبقى للأبد إلى جانب الشعب والقيادة السورية في تصديهما للإرهاب وستواصل على هذا النهج، وأشار إلى أن الاجتماع الثلاثي لوزراء خارجية سورية وإيران والعراق في طهران في التاسع من الشهر الجاري يصب في هذا الإطار ويهدف لتعزيز محور المقاومة ضد الإرهاب والمشاريع المعدة للمنطقة ونحن سنواصل هذه الاجتماعات.
مباحثات ثنائية
بعد ذلك أجرى الوزراء من الجانبين مباحثات ثنائية منفردة، حيث عرض وزير الكهرباء خلال لقائه وزير الطاقة الإيراني المشاريع التي أعدتها وزارة الكهرباء للمرحلة المقبلة.
كما بحث الوزيران تنفيذ العقود الموقعة بين الجانبين والتعاون في مجال تبادل الخبرات والتقانات واستكمال تنفيذ مشروع محطة جندر2 بعد أن تم توريد المواد والبدء بمحطة جندر3.
من جانبه التقى وزير الصحة معاون وزير الصحة الإيراني رسول دينار واند، وبحثا آليات تنفيذ عقود ومستلزمات القطاع الصحي وتعزيز قدراته في سورية من أدوات طبية وأدوية، وخاصة للأمراض المزمنة منها وكذلك فيما يخص الخبرات والتقانات.
كما تناولت مباحثات عقدها وزير الصناعة مع نظيره الإيراني زاده إقامة مشاريع جديدة وخاصة إشادة معمل للحافلات مع شركة إيران خدرو، وتأمين احتياجات النقل الداخلي في سورية من الحافلات، وإمكانية إقامة خطوط إنتاج لمعمل أدوية في مجالات الكبسولات والأقراص والأنبول والتحاليل.
وجرى في وقت سابق حفل استقبال رسمي في قصر سعد آباد في طهران للدكتور الحلقي والوفد الوزاري المرافق له، حيث استعرض الحلقي وجهانغيري حرس الشرف، ثمّ تمّ عزف النشيدين الوطنيين للجمهورية العربية السورية والجمهورية الإسلامية الإيرانية.