اقتصاد

بذور الخلل الإداري الراهن أساسها تشريعات الوظيفة العامة

ضوابط واشتراطات الترقية تغيب عن نصوص قانون العاملين .. وهذه هي النتائج…
يعتري آلية الترقية الوظيفية لدى السلطة التنفيذية الكثير من اللبس حتى على المستويات المتقدّمة في الهرم الوظيفي، وهناك تساؤلات كثيرة تنطوي عليها القرارات الصادرة لتكليف مدير عام لهذه المؤسسة أو تلك ويتجلى في هذه القرارات ما يشبه الدوامة التي تدفع إلى التحرّي عن معنى مصطلحات مثل “تكليف – تسمية – إسناد”، ثلاث صيغ بثلاث مفردات والمؤدّى واحد وتبقى الفروقات مبهمة لن تجد الإيضاحات بشأنها حتى في سياق القانون الأساسي للعاملين في الدولة في أحدث تعديلاته.

ترهّل
على المقلب الآخر تغيب عن القانون المذكور أية اعتبارات حقيقية، واشتراطات تضبط عمليات الإسناد والتكليف والتسمية، وحتى الترقية في المفاصل المختلفة على مستوى المؤسسة والوزارة، لم يخضعها القانون لاعتبارات أو اشتراطات أو نواظم تفضي إلى التدقيق في اختيارات الأشخاص لشغل المواقع والمفاصل الإدارية، وربما هذه مشكلة تشكل محور مشهد الترهّل الإداري الذي يصل أحياناً إلى حالة الفساد أو على الأقل يمثل شكلاً من أشكاله.
لم يرَ الدكتور محمد الحسين أستاذ القانون الإداري في جامعة دمشق، أكد أن ثمة ضرورة حقيقية لتشريع روائز محدّدة في تنظيم عمليات الترقية الوظيفية، بل هناك روائز وجدانية بديهية تقوم  على الكفاءة والجدارة والقدم الوظيفي أي الخبرة المتراكمة إضافة إلى النزاهة، واعتبر الحسين الذي يشغل حالياً منصب رئيس مجلس الدولة أنه إذا كانت عملية الاختيار تقوم على غير هذه المعطيات والأسس نكون قد أضعنا فرصة كبيرة في عملية الإصلاح الإداري، مشيراً إلى أن العلاقات الشخصية بدأت تلعب دوراً كبيراً في عملية الانتقاء على حساب العمل.
ويرى الحسين أن عملية اختيار القائد الإداري بغض النظر عن القانون والتشريعات هي من المبادئ العامة والقانونية التي لا تحتاج إلى نص، لأن الأسس معروفة وتقليدية وليست مثار خلاف حول طبيعتها، فهناك الكثير من القيم الوجدانية التي لم تنصّ عليها التشريعات لابد أن تأخذ بعين الاعتبار في حالة الاختيار، كما أنه لا يجوز الإبقاء على رئيس إداري في موقعه سنوات طويلة لأنه يصبح مع مرور الزمن جزئية غير فاعلة وإذا كان ناجحاً فعلاً فعلينا أن نضعه في مكان آخر.

رأي آخر
إلا أن وجهات نظر أكاديمية أخرى ترتئي خلافاً لما ذهب إليه الدكتور الحسين، أنه لابد من تشريع اشتراطات وروائز واضحة ودقيقة في عمليات الترقية والتكليف والإسناد الوظيفي في مختلف درجات الهرم الإداري، وإلا فلن تكون الأمور على ما يرام إدارياً إن تركنا الخيارات للوجدان والتقديرات الشخصية، لأن هذه الأخيرة تخضع للعلاقات الشخصية، وكثيراً ما يكون هناك تنازع وصراع بين هذه العلاقات وتؤدّي إلى وصول شخص غير مطلوب إلى موقع ما.

بذور
يقول خبير إداري “فضل عدم ذكر اسمه”: إن التعديلات التي حصلت على تشريعات الوظيفة العامة منذ الثمانينيات، قد حملت معها بذور الخلل الإداري الراهن في ترشيح واختبار الأشخاص لشغل المفاصل الوظيفية العامة، فقد ألغت هذه التعديلات جملة اشتراطات واضحة كانت قد نصت عليها بنود القانون العام للموظفين، الذي نظم عمل مؤسسات الدولة منذ الخمسينيات حتى الثمانينيات.
وأكد الخبير ضرورة العودة إلى بعض حيثيات هذه التشريعات وتضمينها في التشريعات الناظمة لأداء الوظيفة العامة كخطوة إصلاحية كبيرة على طريق الإصلاح الإداري ومحاربة الفساد الإداري، لافتاً إلى أن الحكومة منذ بضع سنوات كانت قد أعدّت مسوّدات تتضمّن تعديلات كهذه وأعلن عنها عن طريق الأمانة العامة لمجلس الوزراء.
دمشق – ميادة حسن