أولويات العام الجديد
أيام قليلة تفصل بيننا وبين العام الجديد الذي نحمّله الكثير من آمالنا وأمانينا الباحثة عن قشة الإنقاذ العائمة على بحر من الهموم والمعاناة التي كنا وما زلنا نتجاوز آلامها، بمجاديف الصبر وبسواري الوطنية الخالصة ومنارات التضحيات المضاءة بدماء الشهداء التي أبت إلا أن تسيل على تراب بلدنا راسمة للأجيال القادمة خريطة السيادة والعزة المسيّجة بعقيدة الإيمان بالوطن وبالنصر المؤكد.
ولاشك أن الوقت الآن مناسب جداً ونحن نودّع عاماً وندخل عاماً جديداً، لإلقاء نظرة إلى الوراء من أجل تسليط الضوء على بعض القضايا الملحّة التي تقدّم مؤشرات حقيقية لواقع الناس والوقوف على ما تم تنفيذه خلال السنوات الماضية، وخاصة أن مصادر حكومية عديدة أكدت أنها أسست لعناوين وتوجّهات أساسية ستعمل على تعميقها في العام الجديد، وأنه لا عودة إلى الوراء عن هذه العناوين مع التركيز على بعض الأولويات، ومنها قبل كل شيء إعادة الأمن والسلام إلى كل المناطق وتحقيق المصالحة الوطنية على قاعدة الحوار السوري – السوري، وإعادة الإعمار وتأهيل البنية التحتية، والتغلب على العديد من التحدّيات الاقتصادية التي تم التعامل معها بشكل ذكي وسريع رغم كل الصعوبات والأخطاء التي حصلت، وفي مقدّمتها الحصار الخانق على لقمة عيش الشعب والتلاعب بقيمة الليرة لكسر مقومات الصمود الشعبي، وما نتج عن ذلك من تداعيات معيشية واتساع قاعدة الفقر والنزوح هرباً من بطش المجموعات الإرهابية المسلحة وعقيدتها المتعطشة للدماء.
وبالعودة إلى الوعود لن ننسى تلك التصريحات التي أكدت ضرورة زيادة مستوى العدالة في توزيع الدخل والتخفيف من الأعباء المعيشية وتقديم المساعدة للأسر الفقيرة وتوسيع شبكة الحماية الاجتماعية والتضامن الاجتماعي الوطني التي تجنّب أصحاب الدخل المحدود خطر البطالة والمرض والفقر وتؤمّن حداً أدنى من الدخل للأسر التي أنهكت بشتى أنواع المصائب والتحديات.
وطبعاً هذا الكلام لم يأتِ من الفراغ بل من أرقام وحقائق معيشة وموجودة في حياة المواطن الذي استحقّ وسام المواطنة بكل جدارة وقدّم للعالم أجمع أعظم دروس التضحية في سبيل السيادة الممهورة بالعزة والكبرياء والانتماء والولاء الخالص لبلده، فكانت حياة الناس خلال سنوات الأزمة نابضة بالإيمان والثقة بالنصر على الإرهاب.
ومن بوابة الأمل بالعام الجديد نقول: لم تعُد الوجبات الاقتصادية الخالية من الدسم قابلة للتداول على موائد المواطن المحاصرة باستراتيجية التقشف، وحان الوقت لتنفيذ سياسة اقتصادية جديدة تحقق التوازن بين نهج العقلنة في توزيع الدعم والحفاظ على أساسيات وحقوق المواطنة التي تشكل الحاضنة الوطنية الأولى للمستقبل. فهل تتبدّل الأحوال في العام القادم، أم تستمرّ ما يمكن أن نسمّيها الكذبة الاقتصادية البيضاء التي تجعل من حياة المواطن مطيّة لـ…..؟!.
بشير فرزان