سعر طن الحطب المقطّع 50 ألف ليرة والجفت 20 ألفاً تقاسم الأرباح بين موظف ومراقب يغضّان النظر وتاجر محل يؤجّر الرصيف؟!
شكّلت وسائل التدفئة هاجساً كبيراً يقضّ مضاجع الكثير من المواطنين، ولاسيما في ظل فقدان الأمل في تأمين مادة المازوت وغياب الكهرباء إضافة إلى الانخفاض الملموس في درجات الحرارة خلال موسم الشتاء الحالي، في الوقت الذي أبدت فيه أسر كثيرة عجزها عن توفير التدفئة التقليدية ما اضطرّها إلى البحث عن وسائل أخرى كالحطب وجفت الزيتون الأقل سعراً.
هذه الوسائل لم تعُد متاحة بين أيادي المواطنين نتيجة الغلاء الكبير في مادة الحطب والجفت، حيث وصل سعر الطن الواحد من الحطب المقطّع إلى 50 ألف ليرة و20 ألفاً للطن الواحد من مادة الجفت، علماً أن الأخيرة كانت تشكل عبئاً على أصحاب معاصر الزيتون سابقاً، ليصبح التحطيب الجائر أمراً واقعاً لتأمين وسائل التدفئة وسط غياب الرقابة على عملية التحطيب والأسعار في آن معاً، حيث انتشرت ظاهرة بيع الحطب العشوائي في أغلب مناطق الريف حتى إنها وصلت إلى المدينة، فبدأ بعضهم بقطع الأشجار بشكل عشوائي دون رقابة وافتراش الأرصفة أمام المحلات وبيع الحطب مقطّعاً إلى قطع متناسبة مع حجم فوّهة المدفأة.
أبو رائد انتشر هو وأولاده على جانب الطريق وكل منهم يحمل “بلطة” لتقطيع الحطب وتعبئته بالأكياس حسب الطلب والكمية، وعندما سألناه عن مصدر هذه الأشجار المقطّعة رفض الإجابة واكتفى بقوله إنه يشتري الطن الواحد بـ40 ألف ليرة ويقوم بتقطيعه إلى قطع صغيرة ليبيعه بـ45 إلى 50 ألف ليرة، عازياً الزيادة إلى أنها توزّع بينه وبين بعض الجهات المعنية التي تغضّ النظر عنه والمحلات التي سمحت له بالوقوف أمامها.
هذا المشهد لا يقتصر على أبي رائد، بل يتوزع في جميع الأسواق، ولكن الخلاف فقط بالسعر ونوع الحطب المبيع وجودته، فمنه ما يكون رطباً أو يابساً، وهناك أنواع مختلفة من الأشجار مثل المشمش والزيتون والحور والسرو.
أبو سمير تاجر الألبسة الذي تحدّث عن معاناته بعد تهجيره من المجموعات الإرهابية ليجد نفسه بائع بسطة ألبسة صغيرة، حوّل مدفأة المازوت إلى الحطب، علماً أنه سجّل على المازوت في البلدية منذ 4 أشهر لكنه فقد الأمل، ما جعله يستخدم مدفأة المازوت للحطب ولاسيما أن لديه 5 أولاد أكبرهم 16 سنة.
اللافت أثناء مشاهداتنا لأنواع الحطب الموجودة على الأرصفة والمعدّة للبيع، أنه كان من ضمنها أشجار الصنوبريات التي تتواصل عمليات تشجيرها على مستوى القطر هذه الأيام، والسؤال كيف تدأب الجهات المعنية على تسليط الضوء على احتفالات التشجير إعلامياً وفي الوقت نفسه تتجاهل ما يجري من تحطيب عشوائي؟.
دمشق – علي حسون