خدمات خارج الخدمة..!

لم ترتق الخدمات المقدّمة للمواطن إلى مستوى يدلّ على احترام مقدميها له، سواء من ناحية الجودة، أم من ناحية توافرها على مدار الساعة رغم أن أسعار معظمها ليس بالقليل، وبالتالي يُفترض أن تكون بسوية ما يدفع للحصول عليها، مع الإشارة إلى أن (التذرّع بشماعة الأزمة وتداعياتها السلبية على ما يقدّم من خدمات) بات عبارة عن أسطوانة مشروخة لم تعد تنطلي على أحد خاصة في مدينة دمشق الآمنة!.
لقد أصبح المواطن يتحسّر على أيام خلت كانت سوية الخدمة فيها توازي ما يدفعه لقاء الحصول عليها، وفي الوقت نفسه كان بغنى عن خدمات ظاهرها حضاري وجوهرها أجوف تماماً كباصات النقل الداخلي الخاصة ذات الألوان الزاهية شكلاً، والمتّشحة مضموناً بهموم ركابها المكتظين كتفاً بكتفٍ دونما أدنى مراعاة لإنسانيتهم  مع زمن (السرافيس)، إذ يلحظ المُستقل لهذه الشركات استهتارها بالراكب والتحكّم براحته ووقته، والأنكى أنها تتقاضى تعرفة غير قانونية تقوم بالدرجة الأولى على مزاجية أصحاب هذه الشركات الذين لا يدخرون جهداً لتضخيم عوائدهم المالية بأي شكل كان!.
كذلك الأمر بالنسبة للصرافات غير المفعّلة على مدار الساعة والتي أصبحت منافذ لقبض الرواتب والأجور، وما نجم عنها -نتيجة سوء الخدمة- من طوابير أعادتنا إلى حقبة ثمانينات القرن الماضي عندما كان المواطن يصطف ساعات -وأحياناً أياماً- للحصول على 1كغ من السكر أو الرز، وليصبح الشعار شبه الدائم لهذه الصرافات هو (الصراف خارج الخدمة).. الخ.
أما خدمة اتصالات شركتي الخليوي ذات الأسعار السياحية والخدمة الدونية، فشبكتهما تذهب وتجيء على أنغام مزاج ملاكهما غير المكترثين بحاجة المواطن الملحة أحياناً لاتصال يبعث الطمأنينة في نفوس ذويه، أو لتسيير عمل يمكن قضاؤه باتصال يستغرق دقائق بدلاً من سفر ساعات، ناهيك عن الخدمات الأخرى المترهلة في زمن باتت فيه ضرورات وليست كماليات!.
أوليس من حق المواطن المتكبّد تكلفة الخدمة المراد الحصول عليها بأي ثمن، أن يلقى أثر ما يدفعه من أموال لأصحاب الإمبراطوريات المالية؟ أم إن المهم لهؤلاء الأباطرة الحصول على المال بأي وسيلة بغض النظر -أو التجاهل- عن مستوى ما يزعمون تقديمه من خدمات يفترض أنها ذات سوية جيدة؟!.
ربما لا نبالغ بالقول: إن المواطن السوري يشعر أنه يتعلّق بقشور انفتاح يواسي به نفسه أمام شعوب سبقته إليه بسنوات، علّه يقتنع بمواكبته لتطور لا بد منه، وأنه ليس خارج نطاق تغطية الحداثة، لكنه في حقيقة الأمر لازال بعيداً عن ذلك!.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com