بعد مشاركته في برنامج “هيا نقرأ” الفنان اسكندر عزيز: البرنامج من أفضل برامج الأطفال في الوطن العربي
كلما تذكر الفنان اسكندر عزيز طفولته وطبيعة الأفعال الهزلية والجادّة التي كان يقوم بها أمام زملائه ورفاقه وحجم التبجّح الذي كان يصدر عنه بغية الاستئثار بهم والتفوق عليهم كان يزداد قناعة بضرورة التوجه إلى الطفل لتغيير سلوكه. ولتحقيق هذه الرغبة استطاع في بداية مشواره الفني في مدينة القامشلي أن يخرج مسرحيتين للأطفال، إحداهما شعرية والثانية درامية، ليشارك في دمشق بأربعة أعمال تلفزيونية للأطفال: “الطاحون” إخراج محمد فردوس أتاسي في أواخر الستينيات و”الملك النبيل” إخراج عصام موسى أواخر الثمانينيات و”الينابيع الزرقاء” إخراج غازي إبراهيم عام 2013 وليشارك حالياً –كما يبيّن عزيز في حواره مع البعث- في البرنامج الدرامي “هيا نقرأ” تأليف وإعداد صبحي سعيد وإخراج حسام داغستاني ومن ثم سعاد حمزة، والهدف من هذا البرنامج الدرامي الثقافيّ الذي يعتمد قصة للأطفال في كل حلقة، وحواراً ونقاشاً يتصاعد أحياناً ويتراجع أخرى حول مضمون وفوائد وسلبيات القصة حواراً،
الارتقاء بتفكير الأطفال وتنشيط ذاكرتهم لكي يبقى تفكيرهم يقظاً لتجنّب الفراغ الذهني والبلادة والخمول وعدم القدرة على العطاء، كما يؤكد برنامج “هيا نقرأ” على ضرورة تنمية الجسم تنمية سليمة برعاية صحية مستمرة ويسعى لتهذيب نفس الطفل وأحاسيسه ومشاعره ووجدانه والتمسّك بالقيم النبيلة والأخلاق التي تبني مجتمعاً متماسكاً ومشاعر وطنية للدفاع عن الوطن والتضحية من أجله، مشيراً عزيز كذلك إلى أن “هيا نقرأ” يشجع على القراءة ثم القراءة وإيجاد مكتبة في كل منزل، والسعي من خلاله للتعاون مع المؤسسات التعليمية الثقافية التي تصنع المستقبل وتعمل على إعداد الطفل لتقدم للمستقبل رجالاً أكفاء نشأوا على نشيد حماة الديار وبسلوك اجتماعي صادق وأمين.
الطفل هو الخميرة
ومن الصفات التي يجب أن تتوفر في معدّ ومقدّم برامج الأطفال يؤكد عزيز ضرورة أن يكون ملمّاً بأهمية شروط التربية الحديثة لأهميتها في النشاط الثقافي للأطفال، فبرأيه كانت التربية التقليدية القديمة تعتبر مسألة اللعب خطراً يجب منع الأطفال عنه واعتباره مضيعة لجهد الأطفال وللوقت الذي عليهم أن يصرفوه في الدراسة بدلاً من اللعب خارج البيت مع رفاق اللعب وبعيدين عن الكتاب، بينما التربية الحديثة تصرّ على ضرورة توفير زمن كافٍ للّعب لأنه ضروري لنموّ الجسم والعقل، والأهم برأيه أنه ضروريّ لتصريف انفعالات اللهو الذي تحتويه طاقة جسم الطفل لينصرف بعدها إلى واجباته الدراسية، مشيراً عزيز إلى أنه ليس في برنامج “هيا نقرأ” مادة تساعد على اكتشاف طاقة الأطفال التعليمية والثقافية لمعرفة علاقة الطفل بالكتاب، وهو يشجع الأطفال بالدرجة الأولى على الاهتمام بالمطالعة واعتبار القراءة ضياء الطريق لشقّ مستقبل ناجح ومفيد لهم ولوطنهم، مبيّناً أن الذي دعاه للمشاركة في هذا البرنامج أن ما كان يتمناه منذ بداياته الدرامية أن تتحقق له الفرصة اللائقة للمشاركة في عمل درامي ثقافي أدبي يكون موجهاً لجيل الأطفال والناشئة لأن الطفل هو الخميرة التي علينا زيادة تخميرها بالعلم والأدب والثقافة وعجنها بشكل جيد كي لا يكون الخبز فطيراً عديم الذوق للطعام.. من هنا فقد غمره الفرح عندما اقترحت رئيسة قسم الأطفال في الفضائية مشاركته ببرنامج ثقافي أدبي للأطفال هو “هيا نقرأ” وبلا حرج ولا مقامرة صار يتشوق للّحظة التي سينتقل بها للأستوديو ليواجه الكاميرا التي ستصور مشاهد هذا العمل وقد تم ذلك وتحققت الأمنية، مؤكداً عزيز أنه يتعامل وبكثير من الحب والاحترام مع هذا البرنامج الذي يراه من أفضل برامج الأطفال في الوطن العربي.
الأطفال عالم الغد
ويشير عزيز في كلامه عن البرنامج بشكل خاص وعن الأطفال بشكل عام إلى أن عالم الأطفال هو عالم الغد، عالم الثروة البشرية التي يُفتَرَض أن تكون معطاءة بنّاءة قادرة على تكوين لبنة متماسكة متينة ليرتفع فوقها صرح الوطن، ولن تكون تلك اللبنة قادرة إن لم ندعمها بعلم وثقافة نحترم من خلالها شخصية الطفل ونقدّر ونشجّع سلوكه وموهبته على التعبير من كلام ولعب، وخاصة تمثيل، فمن خلال قيامه ببعض الأفعال أمام رفاقه مقلداً صاحب المكتبة أو الآذن أو بائع الحلويات فهو بذلك يفرغ شحنة الانفعالات التي بداخله، ومن خلالها يتمكن من معرفة طبيعة موهبته وتوجيهه من الصغر على ما سيكون قادراً أن يبدعه مستقبلاً، والطفل كما يوضح عزيز هو الامتداد الطبيعيّ لأيّ إنسان كان وعليه يقع مدى تقدم وتطور أيّ مجتمع، لذلك وجب علينا أن ندرك أن تقدم وتطور شعب من الشعوب مرهون بمدى نظرة الآباء والأمهات والمربين لأطفال جيلهم ومدى توجيههم بوسائط قادرة على زرع بذور الطيبة والاحترام في نفوسهم وإفهامهم ما لهم من حقوق وواجبات واحترام القوانين، ووسائط التوجيه متعددة، فمنها وسائط مكتوبة يجد الطفل مبتغاه بين سطورها من قصص وحكايات واقعية وخيالية ووسائط مجسدة يعيشها الطفل عندما يزور المسرح لمشاهدة عمل تمثيليّ أو مسرحية للدمى، ووسائط مرئية أو مسموعة فيها الكثير من المسلسلات أو الحكايات المفيدة والمؤثرة، وللمؤسسات الثقافية التأثير الكبير في تربية الطفل وتوجيهه التوجيه البنّاء والمفيد له ولمجتمعه مثل مؤسسة الأسرة والمدرسة والمؤسسة الصحافية من خلال صحيفة أو مجلة، فهذه المؤسسات قادرة أن تجعل من هذا الطفل عضواً ناجحاً ومفيداً لوطنه في المجتمع الذي يعيش ويتعايش معه.
أمينة عباس