ثقافةصحيفة البعث

توسلات

قررت.. لا, تحاول أن تنساه، تتوسل له أن يبتعد كي لا تراه، تتوسل له كي يساعدها على النسيان والبدء من جديد, رغم ذلك مستحيل لها، فلن تحب سواه.. تتوسل له أن يرحمها ويشفق عليها وعلى قلبها الذي أحبه بصدق، أصبحت تعيش في خوف كبير وذعر منه ومن الزمن.. تحاول الهروب، لتعرف فيما بعد أنها لا تهرب إلا من الموت البطيء.. لماذا يهوى تعذيبها هكذا؟ لماذا يجعلها حائرة مقيدة؟ هل هو تحد؟ هي راضية بذلك, راضخة له، تقبل أن تكون سجينته.. تتمنى أن يراها دائماً كيف أصبحت باكية حزينة مدمرة.. تعود إلى التوسل والترجي، لم تعد تستطيع احتمال المزيد من هذه المآسي.. إلى متى ذلك كله.. سهر وبكاء وليل طويل لا ينجلي.. عم تبحث ولماذا ترسم آمالا كاذبة؟ ربما تبحث عن شيء مفقود غير موجود، تبحث عن المستحيل، تبحث عن الحبيب الخائن الذي ضاع.. عذابه يزداد وهي تحاول أن تكذب على نفسها وتوهمها بأنه يحبها.. ماذا تفعل وكل من حولها يخدع وكل شيء مزيف؟ طريق حياتها صعب وطويل.. إلى أين ستؤدي بها هذه الطريق؟ ربما تشعر في داخلها أن ذلك سيؤدي إلى الهلاك.. إلى الجحيم, إلى تحطيم وتدمير كل ما حولها.. أفكارها تنهش رأسها، تشملها بالعذاب.. وحدتها تقتلها وحيرتها تجعلها في ضياع ومرارة ماذا تفعل وهي تناجيه؟.

تناديه دائماً في أعماقها وهي لا تعي ما تفعل، ولا هو يفهم مدى مرارتها بعد أن قضى على حياتها وأجمل أيام أمضتها برفقته، لقد حرق قلبها المجروح ودمر كل حياتها.. إنه مجرم، ورغم كل ذلك تعود لتناديه، كيف قدر على خيانتها؟ لماذا قسى على قلب أحبه بصدق؟.. تأوهات تقترب من الموت، كيف سترتاح من كل هذا المرار؟ لقد أحستها جمرة من نار تحرق ما بقي من أحلامها.. لقد حوّل أفراحها إلى رماد وغبار.. في كل صباح ومع تساقط قطرات المطر وحبات الرذاذ التي تقرع شباكها المهجور تتذكره، لم يقل لها منذ البداية؟ لماذا أدعى حبها؟ لماذا يحاول الهرب دائماً من مواجهتها؟ يهرب من الحقيقة والواقع.. يخبئ خيانته في قلبه ظاناً أن لا أحد يعرف نواياه, هي تعرف كل ما يدور بداخله، تعرف بإحساسها الصادق، لقد حاولت أن تجد كلمة تصفه أو تنعته بها، لكنها لم تجد كلمة تصفه، إنه قاس ومجرم قاتل للحب، ومن يقتل الحب يقتل كل شيء.. أصبحت إنسانا ظمآنا بحاجة ماسة إلى قطرات من الماء.. الماء أمام عينه ولا يستطيع أن يشرب أو حتى ينظر إليه لعل في النظر بعضاً من ارتياح النفس، حتى هذا أصبح صعباً، لم تعد قادرة على النسيان لا.. ربما الموت هو الوحيد الذي ينسيها, ولكن بعد طول تفكير قررت في أعماق قلبها أن تنهض من جديد، وتستأنف مسيرة الحياة وتعتبر كل ما جرى من الماضي، وتبعد عن توسلاتها العقيمة.

تغريد الشيني