محليات

تمكين اللغة العربية

شهدت الفترة الماضية نشاطات وفعاليات متعدّدة احتفاء بيوم اللغة العربية، واستهدفت الندوات الحوارية وورشات العمل التركيز على سبل تبسيط تعليم العربية وتمكينها على كل مستويات العمل والحياة الفردية.
ولكن هل يكفي تخصيص يوم أو فترة زمنية محدّدة للاحتفاء بهذه اللغة التي تجمع أبناء الأمة، وتعني التراث والفكر والأدب والتواصل؟ بالتأكيد عربيّتنا الحيّة لغة تتمتع بخصائص ومقوّمات تمنحها القوة والبقاء والخلود، ومن الأولى أن يكون احتفاؤنا بها مستمراً على مدى الأيام والأعوام، وتركيزنا مستمراً على تمكين هذه اللغة بكل وعي وإدراك لحجم التحدّيات الاستعمارية الشرسة التي تستهدف هويّتنا القومية.
ولنعترف بكل أسف أننا لم نزل على مستويات عدة رسمية وأهلية بعيدين عن التعامل الواعي والمطلوب مع مكوّنات لغتنا العربية حاضنة فكرنا وتراثنا الحضاري ومستقبل وعينا الفكري العلمي والعملي، حيث لم نصل بكل الإجراءات والخطوات المتخذة في هذا المجال إلى المستوى اللائق للتعامل مع قداسة رسالة وفصاحة مقصد اللغة العربية، ولين التعاطي مع مفرداتها الجميلة والجزلة، وبتنا نضع الغث من مفردات لهجات محلية وغير محلية في معظم حقول العلوم والتقنيات المعرفية الحديثة، مبتعدين عن العمل المطلوب لتوفير الحماية اللازمة للغتنا الأم وتطويرها وترسيخ أهميتها ودعم حضورها القوي، وخاصة أنها لغة تتمتع بالحيوية والمرونة والقابلية للتجدّد والتطوّر المستمر.
إذاً المطلوب، وخاصة في مثل ظروف الأزمة والحرب الظالمة التي تشنّ على معقل العروبة وقلبها النابض، أن يتعاطى الجميع وعلى كل المستويات مع اللغة العربية بالشكل الصحيح واتخاذ الإجراءات التنفيذية المطلوبة لحمايتها ومعالجة القضايا الطارئة على صيغ التعامل معها، في إطار التعاطي مع التقنيات الحديثة.
ومع أهمية الإجراءات المتخذة، التي هدفت من خلالها الجهات المعنية إلى توفير سبل التطوير المطلوب للغة، فإننا لم نزل بحاجة إلى المزيد من الخطوات لإيلاء العربية الاهتمام المطلوب، كي تكون قادرة على الاندماج في سياق التطور وامتلاك أدوات التجديد والتحديث والتطور لتكتسب إلى جانب مقوّماتها المهمة سلاحاً جديداً في مواجهة هجمات التغريب والتشويش والإساءات المشبوهة التي تتعرض لها.
ولابد من الإشارة في هذا المجال إلى أن سورية كان لها شرف إنشاء أول مجمع للغة العربية، وهي الرائدة دوماً في تدريس العربية في كل مراحل التعليم، وهي التي تقدّمت بالمشروع القومي الكبير الهادف إلى تمكين اللغة العربية والنهوض بها وحمايتها والحفاظ على مكانتها القوية والمرموقة بين اللغات الحية، كما تعمل المؤسسات المعنية من خلال لجنة تمكين العربية ولجانها الفرعية على دعم الركائز التي توفر لهذه اللغة استمراريتها وقدرتها على استيعاب علوم العصر ومنجزاته.

محمد الآغا