ثقافة

السوريون..لا خوف عليهم ولا هم يحزنون

تمام علي بركات
الأمر الأهم الذي لم تفهمه السعودية وأدواتها “الصهيووهابية” الموجودة في سورية، ولا إسرائيل بأجهزة استخباراتها المضحكة وسلاحها الجوي والمدفعي الذي وضعته في خدمة طلاب الحرية في سورية، ولم تفهمه على ما يبدو أيضا براغماتية “العم سام” ولا “اخونجية أردوغان” ولم تقتنع به شبه دويلة قطر بنفطها وصغار متقرشيها وكتبتة تقاريرها الإعلامية.
الأمر الذي لم يفهموه ويدركوه ويعوه بعد كل ما جربوا فعله من تهديد للسوريين واندحروا يلوكون فشله بلذة مقتات الجيف ،هو أن للسوريين ثقافة حياة متجذرة في تاريخهم الطويل الضارب في عمق الزمان ،ثقافة حياة اكتسبوا مهارتها الشاقة ببراعة خلال مراحل تطورهم الإنساني والفكري وهم ينتقلون من موكب نور إلى أخر يليه.
ثقافة حياة أول دروسها أن الخوف عملة مزورة لن يتداولوها بينهم ،بينما بين أيديهم وفي أرواحهم النقية القيمة الحقيقة، القيمة المكتملة، القيمة الأغلى والأكمل للحياة، قيمة الحياة نفسها التي تحيل كل ما يهددها ويحاول أن يضعها في مرمى الخوف إلى نسيا منسيا.
السوريون لن يغيروا عادات صباحهم حتى وقذائف الخسة تتطاير فوق رؤوسهم ،فما هي إلا دقائق من جرعة الخوف الضرورية التي تسببت بها الصورايخ التي قصفت بها “المعارضة السلمية” الأحياء السكنية والمدارس وغيرها من المرافق التي يرتادها المدنيون العزل إلا من إيمانهم بوطنهم، حتى تعود الحياة تتمشى في الشوارع والأزقة وعلى الشرفات وفوق الأسطح وكأن شيئا لم يكن، فهاهي أم توصي ابنتها أن تنتبه إلى نفسها وهي في طريقها إلى الجامعة، وهاهي الحقائب الذكية تعدو في الحياة عدو ضاحك لا يمل الأمل، وهاهي زوجة تسأل زوجها وهو على عتبة البيت عيونه تراقب انهمار كل ذلك الحقد حوله بينما يهم بالذهاب إلى وظيفته: ماذا يرغب أن يتناول على الغداء، وأم تدعو لابنها الجندي أن ينتصر هو ورفاقه على الخونة والمارقين، وهي تهاتفه لتبَرِد قلبها فيأتيها صوته الصقر من بروج العلا: “وحياتك 5 دقائق وبيرجعوا على جحورن لا تخافي يا أمي”، وهاهو قاسيون يلقي السلام على جاره العلم السوري الخافق في الفؤاد كما السماء.
الحبق أيضا لم يبدل عاداته، فرائحة البارود لن تمنعه أن يتغاوى بعطره الكريم، وفيروز ما زال صوتها يرن في البيوت التي غمرت أشعة الشمس نوافذها وتركت القهوة في ممراتها رائحة ذكرى لا يخفت بريقها.
حتى القطط، القطط يا معارضة الاعتدال الفاجر لم تقطع عليها قذائف غدركم الخسيس، جلساتها الشباطية الحميمة.