ثقافة

“الحب” ضرورة في الحرب

جمان بركات
عندما تتوالى الأيام لتقترب من يوم تنبت الورود الحمراء في قلوب العشاق ويطغى اللون المفعم بالحياة على وجوه البشر يوم 14 شباط الذي يدعى “عيد الحب”، ومن منا لا يعرف هذا العيد الذي بات شبه مفقود في بلدنا تتحاشاه العيون وتهرب منه الأفئدة لا خوفاً ولا ضعفاً بل حزناً وقهراً على بلد نشر الحب والسلام لكل البشرية، بلد تهطل أمطاره أناشيد الحب السحرية، بلد تنبت مع سنابل قمحه كلمات الحب العفوية.
هل سنحتفل بعيد الحب هذا العام؟! يقول البعض أين الحب الذي نعيشه ونحن في  وطن تسيل الدماء في شوارعه فلم يعد هناك من مطارح لنتقاسم الحب فيها، والبعض الآخر يأتي معترضاً على هذا الكلام فيقول “في هذه الأيام بالذات” ما نحتاج إليه هو فقط وقت للحب، فالحب هو الجذر الذي تقوم عليه العلاقات الإنسانية التي بدأت تزول معانيها، فالحاجة لتلك المشاعر ولو ليوم واحد فقط نحتفل فيها أو نستذكرها على الأقل هو السبيل لإعادة السلام والأمان بيننا، ومن وجهة نظرهم حتى لو اقتصر هذا العيد، للسنة الرابعة على التوالي للأسف، على تبادل الكلمات الطيبة والهدايا المعبرة فقط يجب أن نحتفل بهذا اليوم الجميل. وعيد الحب من وجهة نظري ضرورة وحاجة ماسة حتى نعود بذاكرتنا إلى أناس عاشوا معنا وقدموا لنا الكثير من المحبة والعطاء ونسيناهم أو انشغلنا عنهم في غمرة الحياة وشجونها، فنحن إن لم ندرك ونعي وجوده وأهميته في هذه الأيام سنصل لطريق مشوه جداً.
يقول تشارلز بوكوفسكي الشاعر والروائي الأميركي: “ثمة من الخيانة، الكره، العنف، السخف في الإنسان العادي ما يكفي لتجهيز أي جيش مفترض في أي يوم مفترض، والأفضل في الجريمة هم أولئك الذي يعظون ضدها والأفضل في الكره هم أولئك الذي يعظون بالحب والأفضل في الحرب أخيراً هم أولئك الذين يعظون بالسلم”.
في الحقيقة، يمكن للشر أن يضرب نقاط ضعف كثيرة، ويمكنه أن يستغل النفوس الضعيفة، ولكن لدي يقين أن المحبة لن تسقط أبداً والوردة لن تتخلى عن أريجها مطلقاً، والحب يبقى رغم كل الظروف، وهذا السلاح الذي رُفع في غفلة من العقل سوف ينزل ويوضع جانباً، لدي ثقة وإيمان بهذا. وقد دعا جبران خليل جبران في كتابه النبي إلى “المحبة” وغنتها السيدة فيروز بصوتها العذب:
“إذا المحبة أومت إليكم فاتبعوها، وإن كانت مسالكها صعبة، إذا ضمّتكم بجناحيها، فأطيعوها، إذا المحبة خاطبتكم، فصدّقوها. المحبة تضمكم إلى قلبها كأغمار حِنطة. المحبة تغربلكم لتحرركم من قشوركم. المحبة تطحنكم فتجعلكم كالثلج أنقياء، المحبة تعجنكم بدموعها حتى تلينوا، المحبة لا تُعطي إلا ذاتها، المحبة لا تأخذُ إلا من ذاتها، لا تملك المحبة شيئاً، ولا تريد أن أحد يملكها لأن المحبة مكتفية بالمحبة، بالمحبة”.