مع بدء عروض مسرحيتها “قارع الطبل” اليوم المخرجة هدى الخطيب: الأغاني والرقصات ليست لصيقة بمسرح الطفل
في عمر العاشرة قرأت الحكاية، وحلمت بتمثيلها وهي في عمر العشرين، وفي الثلاثين بدأت بقصها على أولادها قبل النوم، وعندما أصبحت في الأربعين قررت أن تقوم الفنانة هدى الخطيب بإخراج حكاية أحبتها هي “قارع الطبل” للأخوين غريم والتي ستبدأ عروضها اليوم الأربعاء على خشبة مسرح القباني، مبينة في حوارها مع “البعث” أن فترة غيابها عن مسرح الطفل لسنوات كانت أمراً ضرورياً وفرصة لتقييم ما أنجزته والتفكير بما ستقدمه، خاصة وأنها تقرّ بصعوبة مسرح الطفل نظراً للحساسية العالية التي يتمتع بها جمهوره.
لست مع المسرح الواعظ
وتبيّن هدى الخطيب وهي التي توجهت سابقاً للطفل كممثلة أنها سعيدة بالتجربة الإخراجية الأولى لها وبأنها لم تتخوف من هذه التجربة وهي التي لديها حصيلة لا بأس بها من الأعمال الموجهة للطفل والكثير من الحب لهذا المسرح، وقد انعكس ذلك على آلية عملها في المسرحية، معلنة فيها تمردها شكلاً ومضموناً على العروض الطفلية المسرحية التي اعتاد جمهور الأطفال أن يتابعها لتكون راضية وسعيدة بما أنجزته، مؤكدة أنها استطاعت عبر هذا العمل تجاوز أخطائها في الماضي كممثلة وأخطاء زملائها من المخرجين، فقدمت في عملها حكاية بسيطة تتحدث عن قارع الطبل وحبه للأميرة وكيف أن الحب يحضُّ على فعل المستحيل، مشيرة إلى أنها ليست مع المسرح الواعظ المحمَّل بالعديد من المقولات الكبيرة، خاصة في ظل الظروف القاسية التي يعيشها الجميع، والطفل بشكل خاص وهو الذي شبع عبر ما شاهده وسمعه، لذلك كان إصرارها على تقديم عرض يحقق المتعة والفرجة المسرحية الجميلة عبر اعتنائها الشديد بالديكور والإضاءة والموسيقا وأداء الممثلين، شاكرةً ومقدرةً الجهود الكبيرة التي قدمها الممثلون أسامة تيناوي المجتهد والموهوب وكامل نجمة في دور قارع الطبل وفادي حموي في دور الساحرة والذي كسر إيقاع بقية المشاهد بأدائه المختلف عن الأداء الطبيعي والعفوي والذي اعتمدته في المسرحية. ولأن التمثيل يأتي في المقدمة في عرضها “قارع الطبل” أشركت الخطيب في العمل بدور الأميرة الممثلة نسرين فندي ذات الحرفية العالية برأيها وقد أعجبها التزامها وحساسيتها العالية وذكاءها الفني وبديهيتها الحاضرة ولم تخيب ظنها في العرض، فكانت شريكة حقيقية، موضحة أيضاً أن بعض الممثلين يؤدون أكثر من شخصية وهذا برأيها دليل على أنهم محترفون وهو أمر يحقق متعة للطفل ويثير خياله ليتساءل: كيف بدّل الممثل ثيابه وغيّر صوته وصار شخصية أخرى في وقت قصير.
خطأ فادح
استغنت الخطيب في “قارع الطبل” كما تشير عن عنصر الغناء وأرادت كمخرجة أن تركز على أداء الممثلين والتأكيد على الأداء الطبيعي والعفوي، مشيرة إلى أنها ضد الأداء التمثيلي النمطي الذي ارتبط بمسرح الطفل وهو خطأ فادح حاولت أن تتجنبه من خلال اعتماد الأداء الطبيعي والابتعاد عن التعامل مع الطفل داخل الصالة وهو أمر مرفوض تماماً من قبلها ولا تحبذه في مسرح الطفل، مبينة أنها ومنذ بداية البروفات قررت والممثلين أن ينسوا أن الجمهور هو من الأطفال لقناعتها أن هذا ما يجب أن يكون عليه الأمر لأن تواصل الممثل مع الطفل داخل الصالة سيقطع حالة الانسجام التي يكون عليها ولإيمانها كذلك بأن الطفل سيتجاوب مع العرض سواء تواصل معه الممثل مباشرة أم لا انطلاقاً من حقيقة أن الطفل كائن ذكي جداً، منوهة إلى أنها استفادت من تجاربها المسرحية الموجهة للطفل، مع تأكيدها على أن الفرق كبير بين التمثيل والإخراج. من هنا استغنت بالدرجة الأولى عن الأغاني والرقصات لقناعتها أنها أساليب ليست لصيقة بمسرح الطفل كما يعتقد البعض وهي غالباً ما تُقحم إقحاماً لمجرد أن المخرجين اعتادوا على ذلك، لذلك هي لاتجد مبرراً منطقياً لوجودها في “قارع الطبل” ولا تريد وضعها إلا في المكان الصحيح وترفض أن تكون مجرد إكسسوار وفاصل منشط للطفل استغنت عنها مكتفية بأداء الممثلين لأن التمثيل هو الذي كان من ضمن أولوياتها في هذا العرض إيماناً منها بأن قوام أي عرض هو الممثل أولاً وثانياً، ويجب برأيها أن يتعود الجمهور على تقاليد غير نمطية في عروض مسرح الطفل، وهي متأكدة من أن ذلك سينجح وبسهولة، مؤكدة أنها كمخرجة لم تقدم نصوصاً للممثلين بل قدمت فرضيات واقتراحات وقام كل ممثل ببناء شخصيته، مبينة أنها لم تكن في يوم من الأيام ممثلة تقليدية، لذلك لم تكن مخرجة تقليدية ومجرد عين تراقب عملها، بل كانت مهمتها تقديم الاقتراحات وتشذيبها مع الممثلين وعين تعرف تماماً تفاصيل الصورة النهائية قبل أن تتعرف على أحد في العمل.
عروض بأقل التكاليف
وتؤكد الخطيب وهي التي تعيش ما بين سورية وفرنسا أنها شاهدت في فرنسا عروضاً متدنية المستوى بالمقارنة مع الكثير مما يقدم عندنا، وبالمقابل شاهدت عروضاً أخرى فاقت الخيال، لكن الأمر المحسوم هناك أن كل هذه العروض يتوفر لها كل الدعم المادي وبلا حدود، في حين أن العاملين في المسرح في سورية يعملون بمبالغ زهيدة جداً ويقدمون عروضهم بأقل التكاليف.
وتختم الخطيب كلامها مؤكدة أن إقناع الطفل بالقدوم إلى المسرح وإدخال السعادة إلى قلبه أمر نبيل وأن مشروعها القادم يقوم على تحويل إحدى حكايات ألف ليلة وليلة إلى عرض مسرحي، خاصة وأنها تحب ربط الطفولة بالحكايات.
بطاقة
الممثلون : نسرين فندي-فادي حموي-أسامة تيناوي-كامل نجمة
تصميم الإضاءة : نصر سفر
التأليف الموسيقي : سيمون مريش
تصميم الديكور والإعلان : ريم الخطيب
تصميم الأزياء : هشام عرابي
تنفيذ الإضاءة : إياد العساودة
أمينة عباس