ثقافة

قبل أمسية اليوم “حقاً قام..في يقين قيامة سورية” أنــدريــه مـعـلــولــي: الأمســـيـة عــمــل فـنـي رائـــد

استعداداً للأمسية المقرر إقامتها اليوم الأربعاء وغداً الخميس  في دار الأوبر يشير عميد المعهد العالي للموسيقا أندريه معلولي في حواره مع “البعث” إلى أن الأمسية ستُقدم بمناسبة أعياد الفصح بالتعاون ما بين فرقة أورفيوس وجوقة الفرح المتميزة بحضورها على الساحة الموسيقية، مبيناً أن فكرة الأمسية بدأت منذ سنة تقريباً لاستقطاب وجمع الأعمال التي لها علاقة بهذه المناسبة وبآلام السيد المسيح وقيامته وإسقاطها على آلام سورية وقيامتها فكان عنوان الأمسية “حقاً قام ..في يقين قيامة سورية”.

ستُقدم بلغاتٍ ست
ويبيّن معلولي أن الأمسية التي ستقدَّم بست لغات هي نتيجة عمل استمر لأشهر ليكون عملاً رائداً في مسيرة إصرار المعهد على تقديم كل ما هو نوعي وذو قيمة فنية، موضحاً أن الحفل سيتضمن ترانيم وتراتيل، بعضها جديد من كتابة د.حبيب سليمان قائد الجوقة، وبعضها قطع تراثية دينية كان قد كتبها بعض الكهنة والمطارنة لتقدَّم ضمن الأمسية ضمن قالب موسيقي جديد، ويؤكد معلولي أن التعامل مع جوقة الفرح منح الطرفين وله شخصياً خبرة جديدة على صعيد التعامل مع أساليب مختلفة، خاصة وأن للجوقة تاريخاً فنياً مشرّفاً بقيادة الأب الياس زحلاوي المعروف بتاريخه والمشهود له بكل الأعمال التي قدمها، وبالتالي فهو يعتز بتعامله مع هذه الشخصية ذات القيمة الوطنية الكبيرة، موضحاً أن هذا التعاون مع الجوقة ليس الأول وقد تم التعاون معها سابقاً ولكن على نطاق أصغر، حيث أن المعهد كان يدعمها أحياناً بعازفين، ولكنها المرة الأولى التي يتجلى التعاون معها ضمن أوركسترا، والتعاون الأول معها كقائد أوركسترا بالنسبة لمعلولي الذي يوضح أيضاً أن تأسيسه لفرقة أوروفيوس كان بهدف نشر الموسيقا على نطاق واسع، بالإضافة إلى هاجسه في قيادة الأوركسترا الذي تحقق من خلال اشتغاله مع صلحي الوادي وقيادته للفرقة السيمفونية عام 1999 في دمشق و2000 في ألمانيا مبيناً أنه شارك في دورة لقيادة الأوركسترا مع المصري المايسترو أحمد الصعيدي، وتدريجياً وبهدف خلق ما هو خاص به قام بتأسيس أوركسترا أوروفيوس (إله الموسيقا) عام 2005 بمشاركة نحو 26 موسيقياً بهدف تقديم الموسيقا الكلاسيكية المبسّطة لتستسيغها الأذن غير المثقفة موسيقياً، مؤكداً أنها خلال فترة قصيرة استقطبت جمهوراً كبيراً واستطاعت تقديم مشاريع موسيقية ضخمة كـ “أيام صلاح الدين” في بعلبك بمشاركة أنطوان كرباج، كارمن لبس، عاصي الحلاني ومشاركة الفرقة، الياس الرحباني في عدة حفلات أقامها في دبي ولبنان.

النقد الذاتي لتطوير العمل
وعن أنشطة المعهد وكثافتها الملحوظة مؤخراً يبيّن معلولي أن المعهد العالي للموسيقا هو أحد الأركان الأساسية في المجتمع لأنه يخرّج جميع الطاقات الموسيقية التي ترفد المسرح السوري بالموسيقيين الأكاديميين، وبالتالي فمن المهم استمراره، ومن أجل ذلك كان الإصرار برأيه في المعهد على دعم شخصية الفنان السوري وصقلها انطلاقاً من قناعته كعميد وكإدارة من أن شخصيته لا يمكن أن تكتمل إلا بوقوفه على خشبة المسرح، فكانت الحاجة ضرورية لتعويد الطلاب على الوقوف على خشبات مسارحنا بطريقة علمية ودقيقة من خلال الحفلات التي يقيمها المعهد في المعهد نفسه من أجل ذلك بالدرجة الأولى ولرغبة المعهد في إظهار قدراته ومدى التطور الذي يطرأ عليه شهراً بعد آخر، بالإضافة إلى أهمية هذه الحفلات بالنسبة للطلبة والقيّمين على المعهد للوقوف على العيوب التي يجب عليه تلافيها مع الطلاب، مؤكداً أن الأساتذة يجتمعون بعد كل حفل يقام لتقييمه انطلاقاً من إيمان الجميع بأن التطور لا يمكن أن يتحقق دون النقد الذاتي، ولا يخفي معلولي أن أهدافاً أخرى سعى المعهد لتحقيقها جراء الحفلات في مقدمتها تعويد الجمهور على ارتياد المعهد ورؤية هذا الصرح الحضاري وأهميته والوقوف على منتوجه الفني رغم بعض المشاكل التي يعاني منها اليوم على صعيد نقص الكوادر التدريسية والذي لم يقف عائقاً أمام إصرار الجميع فيه على الاستمرار، الأمر الذي أدى إلى مضاعفة عدد الحفلات بنسبة 3 إلى 4 مرات عن السابق.

قاعة درسية عن طريق” سكايب”
ويبيّن معلولي أن هدف المعهد العالي للموسيقا ليس تخريج عازفين لأن ذلك يمكن أن يتحقق لأي شخص وبسرعة قياسية، وبالتالي فإن مهمته خلق موسيقي فنان يحمل العلوم المعرفية الموسيقية بالإضافة إلى التقنيات الأدائية، مشيراً إلى أنه ومع بداية تسلمه لإدارة المعهد وضع إستراتيجية تقوم على تطوير المنتَج الموسيقي للمعهد، وباعتباره درس في هذا المعهد فهو يعرف نواقصه، وهو اليوم قادر على معالجتها وتجاوز ما يمكن تجاوزه فكانت الخطوة الأولى في العمل على اعتبار وقوف الطالب على خشبة المسرح ضمن الاختبار الدرسيّ لطلبة السنة الخامسة في المعهد، ولا ينكر أن المعهد كغيره من المؤسسات الأخرى تأثر بشكل أو بآخر بالظروف الحالية، وخاصة على صعيد نقص الكوادر التدريسية وغياب الخبراء الروس إلا أن ذلك لم يقف عائقاً أمام استمرار المعهد بالاعتماد على الكوادر المحلية ومحاولة استقطاب كل من لديه مشروع يفيد في تطوير مسيرة المعهد، معلناً عبر “البعث” أن المعهد سيطلق قريباً قاعة درسية عن طريق “سكايب” للتواصل مع كل الخبراء في جميع أنحاء العالم للاستفادة من خبرتهم ولسدّ الفراغ في بعض الأقسام ريثما يتم تأمين كادر تدريسيّ. ولا ينفي معلولي وجود بعض المشاكل في بعض الأقسام وهي مشاكل يتم التعامل معها بشكل إيجابي بفضل التعاون الخلاق بين القائمين على المعهد، مشيراً إلى أن القرارات تُتخذ في المعهد بشكل جماعي وضمن جلسات نظامية لترفَع فيما بعد إلى وزارة الثقافة متمثلة بوزيرها أ.عصام خليل الذي يدعم المعهد مادياً ومعنوياً من خلال إصراره على حضور معظم النشاطات الموسيقية.
ولأن المعهد بمثابة بيت لكل من يعمل فيه يؤكد معلولي أن جميع الأساتذة فيه لا يبخلون عليه بشيء رغم كل الضغط الذي يعانون منه نتيجة نقص الكوادر بحيث أن بعض الأساتذة يدرّسون أكثر من مادة وبكل محبة، منوهاً إلى أن المعهد وبفضل التعاون الموجود فيه والتفكير الجماعي ساعد في خلق مشاريع جديدة جعلت المعهد يقيم حفلات خارجه، بالإضافة إلى إعادة إحياء قسم الغناء الذي كان مغيّباً في الفترة السابقة، وتفعيل فرقة الأوركسترا التقليدية (طلاب الآلات الشرقية فقط).

تجربة رائدة عربياً
وعن حضوره للمؤتمر التأسيسي لجمعية المعاهد العليا للموسيقا في الوطن العربي والذي أقيم في لبنان مؤخراً وشارك فيه معلولي كعميد للمعهد يوضح وهو الذي تم انتخابه في هذا المؤتمر في اللجنة التنفيذية العليا ضمن اتحادات الجامعة العربية أنه سلط الضوء في هذا المؤتمر على  التجربة الموسيقية السورية في المعهد العالي وهي تجربة رائدة على مستوى الوطن العربي، خاصة في مجال التوزيع الموسيقي والأوركسترالي، الأمر الذي أهّل خريجو المعهد لتصبح لديهم مكانة رفيعة المستوى عربياً وعالمياً كمستوى أدائي وفكر موسيقي، والدليل برأيه قبول جميع الطلاب في أعلى المعاهد الموسيقية في العالم، مشيراً إلى أن المعهد اليوم وبهدف الانتقال إلى مرحلة أكثر تطوراً يعمل على توصيف واقعه وإيجاد مناهج نظرية له من خلال تعويض هذا النقص، حيث أنجز مبدئياً منهاج اللغة الإنكليزية (جاهز للطباعة) ليتواصل الموسيقي مع الآخر ضمن اختصاصه، بالإضافة إلى توصيف ما تبقّى من المنهاج لتكون الخطوة الثانية عبر التأليف، أما على صعيد المنهاج الأدائي التخصصي فبالإضافة إلى وجود مرتكزات أساسية في منهاج كل سنة من السنوات إلا أن مساحة الحرية تبقى متروكة لأستاذ كل مادة بهدف تعزيز المعرفة الموسيقية بالشكل المناسب انطلاقاً من إمكانيات كل طالب.
ومن خلال تعرّفه على واقع المعاهد الأخرى في هذا المؤتمر يؤكد معلولي أن المعهد العالي للموسيقا هو الوحيد الذي يخرّج موسيقياً يتقن علوم الموسيقا الكلاسيكية والعربية في آن واحد، وهذا ما جعل الموسيقي السوري أكثر تكاملاً وتميزاً عن غيره، وهذا ما أوجد موسيقيين سوريين قادرين على الكتابة بقالب أوركسترالي، في حين أن ما يميز المعاهد الأخرى هو توفر الإمكانيات المادية الضخمة، فمن يشاهد جامعة الكسليك مثلاً يُبهر بما تحتويه، لكن رغم تلك الإمكانيات يبقى الموسيقي السوري أكثر تميزاً، والدليل أن كل الدول تطلبه، ومعلولي على سبيل المثال ومنذ فترة مسؤول عن أعمال الفنانين الياس وغسان الرحباني، كما قدم في لبنان عملين هامين هما “الطائفة 19″ و”أيام صلاح الدين” بالإضافة إلى أن الأوركسترا الجزائرية تستعين كما يشير بشكل دائم بالموسيقيين السوريين.
وبهدف الاطلاع على تجارب الموسيقيين الآخرين وتقييم وتقويم ما يقدمه المعهد وبهدف التطوير فيه والوقوف على ردود فعل الآخرين مما يقدمه تم ضمن الجمعية العليا للموسيقا -كما يبيّن معلولي- اتخاذ عدة قرارات في المؤتمر التأسيسي لها، منها تبادل الطلبة والخبرات التدريسية وتشكيل أوركسترا عربية قوامها موسيقيين من كل أنحاء الوطن العربي لصقل فكر وموهبة الطلاب للتعرف على المدارس الأخرى والاستفادة من ميزات كل مدرسة.
ويختم معلولي حواره مبيناً أن المعهد اليوم وبعد أن اختارت اليونسكو الموسيقي سامي الشوا كشخصية ثقافية للعام 2015 إلى جانب فريد الأطرش يستعد لإقامة مجموعة من الأنشطة الفنية احتفالاً باختيارهما، ومن المقرر أن تقدم أوركسترا الموسيقا العربية حفلاً فنياً كاملاً عن فريد الأطرش في الخامس من الشهر القادم، بالإضافة إلى عدة ندوات سيقيمها المعهد ودار الأسد عن سامي الشوا والاستعداد للمشاركة كذلك ضمن الحفل المركزي الذي ستقيمه اليونسكو.
أمينة عباس