ثقافة

أدب النصيحة الرياضة.. والإتجار بالرياضة!

أكرم شريم
مازلت أذكر تلك الرياضة الحلوة التي كنا نلعبها منذ الطفولة الأولى في المدرسة الابتدائية، وكذلك هي حلوة حتماً لمن حالفه الحظ ودخل رياض الأطفال في مقتبل العمر، فهي أولاً استراحة من الدروس وهمها والعصا الحائمة فوق رؤوسنا في الصف وطوال الدروس، وثانياً يصير لنا أثناءها الحق في أن نتحدث دون رفع الإصبع وطلب الإذن فكنا نتحدث بل نتصايح ونتراكض وبفرح وحرية، والحرية تحرر الفرح أكثر وأكثر!.
وما زلت أذكر كيف كنا نجمع أنفسنا بعد المدرسة والدروس ونختار مكاناً فسيحاً جانب أحد الطرقات الواسعة أو بين الحقول والبساتين، ونقسم أنفسنا إلى فريقين ونلعب السباق ومن يكون الأسبق، أو كرة القدم، وما أزال أذكر مرة أننا لعبنا بكرة قدم مثقوبة وكلنا قبلنا بها لأنه لا يوجد غيرها ولأن كل طرف منا يحب أن يفوز!.
كم كانت الرياضة الأولى تشكل لنا من الانفراج النفسي، وكم كانت حلوة؟! وأول مرة شعرت بالاستياء والنفور من الرياضة، كان ذلك حين تقابلنا في ملعب شعبي فسيح نحن وفريق آخر يمثل القرية المجاورة لقريتنا وحين استطعنا أن نفوز عليهم هجم علينا المشجعون المرافقون لهم، كما هجم علينا اللاعبون أنفسهم، وهربنا راكضين خائفين بل ومذعورين والجميع خلفنا يشتموننا ويضربوننا بالحجارة! وهذه كانت أول مرة أشعر فيها بالوحشية في الملاعب الرياضية! وحين كبرنا عرفنا أنه كان يجري أحياناً الاتفاق وفي مباريات الرياضة العنيفة، المصارعة والملاكمة، على أن يفوز لاعب ويخسر الآخر، فتصوروا كم كان مؤلماً أن نشاهد الملاكم وهو يُضرب أمامنا، وأمام أهله وذويه وربما أبنائه أيضاً من أجل أن يحصل على مبلغ من المال، وكم كان مهماً عنده الحذر من الضربة القاضية كما يسمونها، أن تأتي على الذقن أم تحت الذقن! وكم شعر العالم بالارتياح حين تناهت هاتان اللعبتان! ولكن موضوع الإصابات بالارتجاج بالدماغ فهو لا يزال منتشراً بل ويتكاثر عند آلاف الرياضيين في العالم وباستمرار!.
أما حين دخلت الرياضة أخيراً عصر التجارة الدولية وقيام عمل تجاري غير معلن، محلي وإقليمي ودولي وفي كل مكان في العالم للإتجار بالرياضة، وبخاصة كرة القدم كونها الأكثر شعبية وبالتالي الأكثر رواجاً وأرباحاً!. وأضرب مثلاً عن أخطاء هذه الرياضة أن القاهرة قد أعلنت مؤخراً عن تسعة عشر قتيلاً، عدا الجرحى الذين هم بالعشرات في أحداث مباراة مع الزمالك! الأمر الذي يذكرنا مباشرة بما يسمى بروتوكولات حكماء صهيون والتي غايتها إحداث الانقسامات بين الشعوب والتي تبدأ بنشر الجريمة والجنس وطبعاً، المال المطلوب لتنفيذ ذلك إلى أن تصل إلى الرياضة والتي رقمها (12) بين هذه البروتوكولات. وعلى الرغم من أنهم أعلنوا إلغاء هذه البروتوكولات والعمل بها لكننا لا نزال نراها ونلمسها موجودة وتفعل فعلها وفي كل مكان، لدرجة قد وصلت معها وبشكل مؤكد إلى درجة الإتجار بالبشر!. فكم من مرة اكتشف العالم أن كثيراً من المباريات الدولية بكرة القدم قد جرى الاتفاق عليها مسبقاً لكي يربح هذا الفريق ويخسر ذاك الفريق! وهل تعلمون كيف يتم ذلك؟! إن ذلك لا يتم ولا يمكن أن يتم أصلاً إلا بعد اتفاق كل أعضاء الفريقين المتنافسين على ذلك وإلا كيف يمكن أن يسمح فريق وبكل لاعبيه لكي يربح الفريق الآخر؟! ولعل ما يلفت في الرياضات الخطرة والبشعة هذه المرة، إنما هي الرياضات النسائية حيث إن الأنوثة عبارة عن طبقة دهنية تحت الجلد، وأقبل بالتحكيم عند الأطباء المتخصصين، فما بالك إذا بذلت المرأة كل هذا الجهد وتحملت كل تلك المشقة لكي تفوز كرياضية؟! وما ذنبها هي فهذا يؤثر على حياتها وبالتالي على إنجابها أيضاً! فما بالكم الآن أنه توجد بطلة رفع أثقال من عشرين سنة ألا يجب أن تتدخل الحكومة وتمنعها؟!.
وأخيراً رياضة العنف والموت!. نعم!..إنه يقود السيارة وبالسرعة الجنونية، وبشكل قانوني لأنها رياضة، وإلى درجة يصطدم بالحائط حين لا يستطيع الالتفاف بشكل صحيح فيموت قتلاً ونحن نتفرج عليه ونصفق له!
وهكذا تكون النصيحة اليوم أن نرحب ونشجع كل الرياضات الحلوة في حياتنا وحياة أبنائنا وشعوبنا، وأن ندعو وفي الوقت نفسه وفي كل مكان في العالم وبالقوة الإعلامية هذه المرة والقانونية أيضاً، إلى رفع يد كل أنواع الإتجار بالرياضة وأهمها: رياضة العنف والموت، ورياضة سحب الأنوثة من المرأة، ورياضة النتائج المدفوع ثمنها سلفاً وكل ما من شأنه أن يكرس الانقسامات والويلات والضحايا بين الشعوب، لكي تصبح كل الرياضات حلوة في حياتنا وتبقى كذلك وباستمرار، وفي كل مكان في العالم مطلوبة ومقبولة، وحلوة وإنسانية أيضاً!.