ثقافة

فصول رواية بطلها الجيش العربي السوري

“كلنا للوطن”، المحور الأساسي الذي انطلق منه فيلم “مسيرة وطن”، إنتاج المؤسسة العامة للسينما، سيناريو الأديب محمود عبد الكريم، وإخراج نضال دوه جي، وكان أشبه بفصول رواية متتابعة، بطلها الجيش العربي السوري، فمنذ اندلاع الثورة السورية الكبرى حتى الآن وهو يجابه العمليات الإرهابية والمؤامرات الدولية التي تحاك على سورية وشعبها، وتحاول تفتيت الوحدة الوطنية.
مسيرة وطن، أول فيلم وثائقي طويل يلخّص تاريخ سورية بمراحله المتعاقبة من خلال مسيرة الجيش العربي السوري، والمعارك الضارية التي خاضها دفاعاً عن سورية، وأثناء مساندته الشعب الفلسطيني في صراعه مع العدو الإسرائيلي، ومؤازرته الدول العربية في أزماتها.
ولم يقتصر الأمر على نضال الجيش، وإنما توسع المخرج في إيضاح حقائق ووقائع تاريخية عصفت بالأمة العربية، حيث طغى النمط الوثائقي على الفيلم، رغم أن المخرج مضى بمسار الديكو-درامي عبر إدخاله مشاهد تمثيلية مقتضبة تصوّر بعض المواقف التاريخية لأبطال هذا الجيش كوداع البطل يوسف العظمة لابنته واستشهاده، واعتماده على اللقاءات التسجيلية مثل: مداخلة الضابط والفنان التشكيلي الراحل عدنان الأبرش، والعميد المتقاعد تركي الحسن، وفي جانب آخرمن الفيلم لجأ إلى الفنية الرمزية في تجسيد استشهاد بواسل الجيش العربي السوري بلمسات إنسانية تذكّرنا بقراءاتنا الأدبية التي خطها قلم الشهيد غسان كنفاني، وكتاباته المفعمة بالألم، مبتعداً عن المباشرة بالتطرق إلى التقريرية بتجسيد العمليات الإرهابية، وما طالها من انعكاسات، لينتهي الفيلم بمشهد رمزي يضم شخصيات تمثّل مختلف الأديان والطوائف والإثنيات أمام صرح الجندي المجهول، بما يشبه اللوحة البانورامية الخالدة التي رسمها د. علي السرميني تعبيراً عن الوحدة الوطنية التي تعيشها سورية.

عهد جديد للجيش
المرحلة الهامة في الفيلم، والتي شكّلت بداية عهد جديد للجيش العربي السوري، كانت مع تسلّم الرئيس الخالد حافظ الأسد رئاسة الجمهورية، وعمله على استعادة الجيش قوته، تدريباً وتسليحاً، وفي هذه المرحلة خاض الجيش سلسلة من معارك الاستنزاف مع العدو الإسرائيلي، حيث أثبت جيشنا جدارته في تحقيق النصر، وتقديم التضحيات، ومن أجمل المقاطع التي عُرضت كانت المقاطع التسجيلية بصوت القائد الخالد حافظ الأسد، وهو يؤكد على محبتنا للسلام في قوله: “لسنا هواة قتل وتدمير، إنما ندفع عن أنفسنا القتل والتدمير، إننا نعشق الحرية ونريدها لنا ولغيرنا”.

حفنة تراب
في القسم الأخير من الفيلم المتعلق بدفاع الجيش العربي السوري عن سورية، ومجابهته الإرهاب، ابتعد المخرج عن المباشرة بعرض صور تجسّد الانفجارات، والسيارات المفخخة، والتخريب، والدمار، والاشتباكات، واستشهاد جنودنا الأبطال، وعبر عن ذلك برمزية بلمسات إنسانية كمشهد تسليم حفنة تراب من أرض سورية كانت في قبضة الشهيد، وتسليم رسالة صغيرة إلى زوجة أحد الشهداء هي آخر ما كتبه لها قبل أن تفتت القذيفة جسده، وقد كان للمؤثرات الفنية، وغناء المطربة ميادة بسيليس، دورها في إنجاح الفيلم، وتكامل عناصره الفنية.
ملده شويكاني