ثقافة

الفنان عبد الله أبو عسلي في ندوة “الأربعاء التشكيلي”: أرسم الطبيعة التي لم تعبث فيها يد الإنسان

استضافت ندوة الأربعاء التشكيلي الفنان عبد الله أبوعسلي، فتحدث عن تجربته التي تتميز بالجدية في أسلوبه وطريقة تعامله مع لوحته خلال تنفيذها والغوص في سحرية تفاصيل الطبيعة التي يرسم، موضحا أن واقعيته في التصوير تتجاوز المنظر الطبيعي ورسم المشاهد الخلوية، وعرض خلال الندوة شرائح ضوئية تمثل عدداً من لوحاته  التي تجسد الطبيعة وسحر الأمكنة التي تستهويه ليرسمها، وقد يؤلف أكثر من لقطة في المنظر الواحد، فمن طبيعة السويداء مدينته التي أحب وعاش طفولته، إلى الغابات في الساحل السوري ومشاهد من منطقة الزبداني أو وادي بردى وبقية الأمكنة التي تسحر الفنان وتدفعه لرسمها بعشق، وقد شارك في الندوة عدد من الفنانين قدموا وجهات نظر قد تختلف أو تتفق مع ما قدمه الفنان، لكن المهم هو الحوار الإيجابي الذي يضيء على تجربة لا يمكن أن تبهت حين تنتهي متعة التلقي، بل تقتضي الوقوف باحترام أمام هذه الاتجاهات في التصوير السوري لما حققت من مكانة واضحة في الموجود التشكيلي السوري.
في البداية عرّف الفنان بتجربته متحفظا على تسمية الواقعية التسجيلية أو أي تسمية تنتسب للواقعية كالسحرية والواقعية الجديدة، معتبرا تجربته قائمة على التبسيط والتأليف لمشاهد الطبيعة وما ينتقي من مشاهد تستحق التصوير والرسم، فهو الفنان الذي يحمل الكاميرا حيث يذهب إلى الحقول والأرياف والجبال والوديان باحثا عن الأماكن التي لم تصل لها يد الإنسان، ليصور بكارة الطبيعة وبدائية سحرها وفتنتها، ويعتبر أن كل الأماكن في سورية هي موطن لروحه ولوحة تستحق أن تصور وترسم، فالمشهد الطبيعي هو مشهد نفس وطبيعي، يمثل النفس التي تحب وتنتقي وطبيعي يمثل هذا الوجود الجميل الذي يتآلف معنا ونحبه.
وحول التقنية التي يعمل بها الفنان أوضح أن الرسم بحرفية عالية هو شرط لتحقيق أي نزعة تشكيلية أخرى، معتبرا أن التجريد لا بد وأن يكون قد تجاوز في الأداء التصوير ومبني عليه، فلا يمكن لأي رسام أن يكون تجريديا أو ما شاء من أن ينحو من المذاهب الفنية الأخرى دون أن يكون رساما أولا، ومن ثم يتجه نحو التبسيط والاختزال والتجريد والتعبير، فشرط الفنان هو الرسم في رأي الفنان أبو عسلي ردا على سؤال وجه له عن مستقبل فن التصوير الواقعي ورسم الطبيعة، واستطرد أبو عسلي أن المتاحف لم تتخم بهذا الفن بعد، ولا يزال الفنان الأوروبي والصيني والياباني يرسم الطبيعة رغم وصول تلك الثقافات البصرية إلى مواضع جديدة وكبيرة على المستوى الفكري والتجريبي، واستفسر عن عدم استغراب ذلك عنهم بينما نتوجه إلى الرسام الواقعي أو رسامي الطبيعة عندنا بالسؤال: وماذا بعد ؟
ويعتبر الفنان أبو عسلي أن اللوحة تبدأ بالتبسيط ومن ثم الدخول في عوالم التفاصيل والجزئيات كونها التي تمنح الخصوصية للأمكنة المغلقة التي أصور في الريشة، والظل حار منعزل ومتلازم مع الضوء بشكل عضوي ومكمن الدهشة في هذه الثنائية.                   من جهة ثانية تساءل الناقد عبد الله أبو راشد عن التكوين في لوحة عبد الله أبو عسلي، فذكر الفنان أن التكوين عنده أساس اللوحة ومبني على قاعدة هندسية صارمة تتوازن بالضوء واللون وهو تكوين عقلاني هندسي لا يحتمل أي انحراف، وتبنى اللوحة هندسيا بشكل معماري ومن ثم تلبس بالتكوين اللوني المنسجم، وفيما بعد تبدأ عملية البحث في التفاصيل التي تعطي اللوحة حضورها القوي، وقد تنتهي اللوحة حين تستوفي شرط التأليف والوجود في مرحلة قبل الولوج في التفاصيل ن فكل مشهد له احتمالاته وطاقته.
وقد تميزت هذه الندوة باختلاف الرؤى فيها حول مفهوم الواقعية لكنها جمعت اتفاقا صريحا حول واقعية الفنان عبد الله أبو عسلي المحببة والمستندة إلى تجربة خبيرة تعتبر إضافة في الفن التشكيلي السوري وضرورة درسها من قبل الفنانين الشباب قبل الاتجاه إلى المدارس الجديدة من التشكيل بما تحمل من تغريب واستسهال في تقديم العمل الفني.
أكسم طلاع