ثقافة

إياد جناوي يعيد في أمسيته تانغو آستور بيازولا مع تانغو الشرق

كثيرون لديهم شغف بموسيقا التانغو بإيقاعاتها ورقصاتها التي تختزل عبْر ثنائية حوارية جسدية كل معاني الحب واللقاء والاشتياق والوداع،وتعبّر عن كل مباهج الحياة وألوان قوس قزح..وقد أثارت الأمسية التي قدمتها أول فرقة تانغو في سورية بقيادة عازف البيانو إياد جناوي على مسرح الدراما في الأوبرا موجة من المشاعر المختلطة بعزف نماذج من أعمال رائد التانغو في القرن العشرين آستور بيازولا،لتبدأ بالمقطوعة الرقيقة “الوحدة” وتنتهي بالمقطوعة الصاخبة المنادية بحبّ الحياة “كونتر باجيسيمو” وقد تميّزت الأمسية بمعزوفة أشهر رقصة تانغو المأخوذة من الفيلم الشهير “مولين روج” والأمر اللافت أن جناوي أقحم مقطوعة من التانغو الشرقي للموسيقار فريد الأطرش “يا زهرة في خيالي”، فكانت هي الأقرب إلى أذهاننا إشارة إلى التطور الكبير الذي قام به الملحنون العرب بإدخال الإيقاعات اللاتينية وتطويع آلة البيانو في موسيقانا الشرقية،كالتجارب الناجحة للمطربين محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش والتي أغنت موسيقانا.

انفعالات الشتاء والخريف
وفي حديث لـ “البعث” تحدث جناوي عن فرقة التانغو السورية التي تأسست عام 2010 وشاركت بعدة مهرجانات،وهي أول فرقة سورية تُعنى بتقديم هذا اللون الموسيقي،وتتألف من خمسة عازفين أساسيين (إياد جناوي–بيانو،وسام الشاعر- أكورديون،باتيل خاجريان كمان،جورج مالك غيتار،وفجر العبد الله- كونترباص)ومن الممكن استضافة المزيد من العازفين والآلات وفق طبيعة البرنامج. وتابع جناوي حديثه عن اختياره نماذج من أعمال المؤلف الموسيقي الأرجنتيني آستور بيازولا وهو أعظم مؤلفي التانغو في القرن العشرين،والذي أدخل عناصر جديدة إلى موسيقا التانغو المنبثقة من المجتمع الشعبي،إذ كانت ملاذ الزنوج والعبيد والفلاحين ثم تطورت مع مرور العقود لتصبح الأقرب إلى الناس،فطوّرها بإدخال موسيقا كلاسيكية وموسيقا الجاز مع الباندونيون فأُطلق عليها مصطلح التانغو الجديد،إذ مزج بين الأحاسيس المتضادة بين الحزن والفرح والحب والفراق،وهذا ما يفسر بداية البرنامج بمقطوعة “الوحدة” التي جاءت بنمط هادئ ممزوج بلمسات رومانسية كونها مستمدة من معاني الوحدة،تسرد معاناة رجل وحيد،فيضيف:أحب أن أبدأ مع الجمهور بمقطوعة هادئة حتى يعيش أجواء الطقس الموسيقي ثم أنتقل إلى مقطوعات أصعب بالحركة وبالتكنيك،فبعدها قدمنا “الشتاء في بيونس آيرس،والخريف في بيونيس آيرس وهما من روح واحدة تضجان بانفعالات متقلبة ومتغيرات بين صعود وهبوط كحالة العواصف الثلجية التي يعقبها سكون.
أما اللوحة الثنائية بين البيانو والأكورديون فهي أشهر رقصة تانغو مستمدة من الفيلم الشهير عالمياً مولين روج،ويحكي عن قصة حب بين فتاة تعمل في ملهى ليلي مع أحد الزائرين ليستحوذ على قلبها ويصبح كل حياتها،وكان لمقطوعة كونتر باجيسيمو وقع خاص لدى الجمهور الذي تفاعل معها،فيتابع: هذه المقطوعة تشبه ومضات الأكشن في الأفلام المثيرة وتعبّر عن الشغف باللون الأحمر الذي يضج بالحياة، ارتبط اسمها بآلة الكونترباص التي لها دور قوي في هذه المقطوعة،لاسيما أن التانغو يعتمد بالدرجة الأولى على البيانو والغيتار والكونترباص كثلاثي لإيضاح الإيقاع والهارموني مع الميلودي.

البيانو في موسيقانا
وفي منحى آخر تطرقنا إلى التانغو الشرقي فكما ذكر جناوي فإن موسيقا التانغو ليست بعيدة عن ثقافة الشرق،فمنذ القرن العشرين كانت هناك تجارب ناجحة جداً بإدخال إيقاعات الموسيقا اللاتينية إلى موسيقانا الشرقية،إضافة إلى تطويع آلة البيانو كما في تانغو “بلاش تبوسني في عينيّ” لعبد الوهاب،وتانغو “يا زهرة في خيالي” لفريد الأطرش،ووجدت أيضاً محاولات لكتابة التانغو الشرقي من قبل عازف البزق السوري محمد عبد الكريم، وكذلك مارسيل خليفة. وسيخصص جناوي القسم الأكبر من الأمسيات القادمة لتقديم نماذج من التانغو الشرقي.
وعلى صعيد الموسيقا التصويرية وضع جناوي الموسيقا التصويرية لعدة أفلام لصالح المؤسسة العامة للسينما بالاعتماد بالدرجة الأولى على البيانو،منها “هالة والملك” ..ويحضّر حالياً لموسيقا عدة أفلام منها “كبريت وجدار وياسمين أحمر”.
ملده شويكاني