ثقافة

كيف نكتب أسماءنا على ورق الزمان

منال محمد يوسف

على ورق الزمان سنكتب روايات مجروحة الابتسامات يتيمة الأحرف، تشبه حالنا اليوم – تشبه قوافي البكاء عندنا وأبيات شعرٍ كتبتنا قبل أن نكتبها.
على ورق الزمن سنكتب عن أبناء الجمال الحقيقي وعن زهره الميمون، عن فرحٍ غادرنا من غير استئذان،كنا له وكان لنا، حكاية بقاء تسأل أين أحبائي؟! أين أبناء الحياة، أيصح أن يموت الرموز, رموز لزمان حياتنا بكل ما تعنيه هذا الكلمة من معنى.
على ورق الزمان سنكتب كيف كنا؟! كيف كانت الحياة وكيف قُتلت طفولتها وتحولت إلى أشلاء،كيف صُلب الوعد المشتاق وأصبحت عناوين الحياة لدينا توابيت تمرّ من أمامنا تعبر أيامنا ونحن هل نعبر تلك المحن.
هل ننسى جراحاً لم تلتئم بعد – يقال النسيان دواء العصر, نعمة قدرية, يقال أشياء وأشياء
نثرثر بها مع سيجار وجعنا المشتعل دائماً، ونسأل كيف سنكتب أسماءنا على ورق الزمان
هناك على ورق الزمن سنكتب وإن بقي لذاك الزمان أوراق، ونسأل عن مسببات الأيام الثكلى؟ عن جنازات باتت مقيمة في ديارنا وباتت مفعولة الأحزان بنا كأنها فعلها هو الأمر والناهي عندنا.
على ورق الزمان سنرسم خرائط  كانت لنا, وكان يعيش فيها كل أحبابنا, قبل أن يأتي إلينا زمن الموت، زمن الابتعاد كل البعد عن من نحب, عن من نعشق.
على ورق الزمن سنكتب أشياء وأشياء وأسألُ كل من حولنا من يستطيع أن يدثرنا بعد الآن؟
من قال بأن شواهق المحبة هدُمت؟ على ذاك الزمان سنكتب كلماتٍ وكلماتِ وأنادي أبو الزلف وهيهات منا الاستسلام لأحزان الأزمة, هيهات الاستسلام إلى شوارعنا المقفرة من جراء غياب الأحبة.
هيهات أن نكتب أشياء لا نقتنع بها, ونرسم بريشة طفلِ كان معنا في يومٍ من الأيام وما زالت ريشته ترسم لنا ألوان الحياة, ألوان تشبه الفلاش باك في كثير من الأحيان وتلك الأزمنة التي ما زالت أوراقها عندنا, تتربع على عرش الاهتمام لدينا, كم نشتاق لكل تلك الورود المجففة بطريقة استثنائية.
على الورق سنكتب ولكن من سيقرأ؟!  من يضحك عندما تخطر في باله فكرة القراءة, يقولون ما فائدة كل الثقافات إذ فقدنا من نعيش لأجلهم؟ ما نفع الكلام الطيب والمعسول إذ كانت شجيرات العلقم تنمو هنا وهناك، تنمو على مشارف وقتنا السوري, على مشارف وقتنا الحالم بأي شيء جميل, الحالم بأوراق لا تصدأ بمن يكتب عليها، بمن يخربش أحرفٍ من نورٍ, يخربش بأمنيات حالمات الزمن السرمدي, ذلك الزمن الذي نكتب عنه ونبحث عنه؟!
أيأتي إلينا زائر مصطاف, زائر يقيم بيننا, يقول لنا: اهجروا من أيامي عجاف المحبة, عجاف الشجيرات التي لا أوارق لها, لا أوزان لقصائدها التي ترتمي هنا وهناك,
على ورق الزمن سنكتبُ ونعتز بوجهه الأشيب وإن حزنت ورود المحبة وغضبت ذات مرة, غضبت من بسوس الأوقات البركانية غضبت من  بسوس انزياح الجمال بكل معانيه من على شرفات حياتنا,غضبت من شمسها التي كورت على حين غفلة, كنا فيها نيام لا نعي قيمة السلام, كنا كمن  يأخذ أبر مخدرة وبالتالي لا يعي خطورة الاسترخاء
خطورة انتظار الآتي المأمول, دون التنبه إلى فلسفات الأحلام إذ جاءت على حين غرةٍ من زمن جاءت كظواهر تبرز آنٍ و تختفي آن آخر.
على ورق الزمن وعلى إطلاله سنقف مرةٍ أخرى ونتذكر وجه الحياة المضيء الذي كان لنا وكنا له وسيبقى حاله مزدهي كزمنٍ نريده نحن, نشتهي أن نتفيأ ظلاله الوارفة الدائمة الخضرة والحياة.