ثقافة

“شخصيات سورية في القرن العشرين”.. كتاب جديد للأديب هاني الخير

في مقدمتها لكتاب “شخصيات سورية في القرن العشرين” لمؤلفه الأديب والصحافي هاني الخيِّر الذي صدر مؤخراً في دمشق عن دار “مكتبة الشرق الجديد لنشر العلوم الإنسانية” مزيناً غلافه بالعلم السوري وشعار الجمهورية العربية السورية تقول الإعلامية فائدة شريف نزال: “قد تحمل مؤلفات هاني الخيّر في طياتها الغرابة للآخرين، وغرابة أطوار رحلة المثقف عميقة ومصيرية. قد لا ترى نتائجها في المنظور القريب، إلا أن الأجيال القادمة ستراها وتضعها في مكانها …” يتناول الكتاب في ثمانين صفحة من القطع الكبير، كوكبة من الشخصيات السورية المعروفة مثل: د. فيصل المقداد،      د. بشار الجعفري.. وآخرون. كذلك يتضمن ثلة من الشخصيات العامة  التي أغنت المكتبة العربية لكنها للأسف منسية وليست معروفة إلا على نطاق محدود أمثال العلامة عز الدين الحايك المترجم الأول لمعاني القرآن الكريم وتفسيره، والعلامة الشيخ سليمان الأحمد والأديبة الرائدة”فتاة غسان”، ومؤسس مجلة النهضة في طرطوس الطبيب وجيه محيي الدين، كذلك يوسف الصاري صاحب ورئيس تحرير مجلة المواهب الصادرة في الأرجنتين عام 1945.
وتطرق الخير في لفتة جميلة منه إلى توثيق حياة بعض الشخصيات السورية التي اغتالتها عصابات سفك الدم السوري منذ الثمانينيات حتى يومنا هذا ومنهم: الشاعر والصحفي شكري هلال الذي اغتيل عام 1980، والقانوني المناضل درويش الزوني  وهو أحد المشاركين في المؤتمر التأسيسي الأول لحزب البعث العربي الذي أقيم في مقهى الرشيد الصيفي في دمشق والذي استشهد في سنة 1980. كما قدم المؤلف معلومات تنشر لأول مرة عن ملابسات الجريمة التي أودت بحياة  الطبيب علي الناصر أحد رواد الشعر الحديث في الوطن العربي والذي عثر عليه مقتولاً في عيادته بحلب وسجلت الحادثة ضد مجهول، ولم يغفل الخيِّر الإشارة في كتابه إلى شهداء سورية الذين ارتقوا في هذه الحرب الهمجية على سورية عبر حكاية الشابة الشهيدة وئام مسعد أبرز نشطاء المجتمع المدني والتي طالتها قذيفة هاون أودت بحياتها عام 2014 وهي لم تبلغ الثلاثين عاماً بعد.
كما عرّج  الخيِّر على بعض الشخصيات السورية التي انتصرت فيها إرادة الحياة ومنها شخصية المهندس المدني محمد عمار مرعندي الذي أصيب بشلل رباعي ألزمه الفراش، لكنه لم يستسلم  لليأس بل دفعه هذا إلى إطلاق طاقته الروحية متحدياً بشموخ ظروفه القاسية وامتشاق قلمه الواعي ليصدر بعدها عشرة كتب. أيضاً سلط المؤلف الضوء على شخصية الخطاط محمد الهواري عميد الخط العربي في دمشق وبلاد الشام فضلاً عن إيراد لوحات خطية بريشته مستمدة من بعض آيات القرآن الكريم والأمثال العربية، وقاده الحديث عن الخط  إلى التعريف بمتحف الخط العربي بدمشق من خلال أمينة المتحف الباحثة إلهام محفوض الخبيرة بترميم الأيقونات والرسوم والزخارف المنقوشة على الأخشاب والحائزة على شهادات خبرة متعددة.
وفي الخلاصة نستطيع القول أن الكتاب بأسلوبه المبسط البعيد عن التفاصيل الجزئية والنقدية، يشد القارئ مهما كان تحصيله العلمي إلى مطالعته بشغف، فالتعرف على حكايات بعض الشخصيات السورية التي للأسف لم يتم تسليط الضوء عليها سابقاً على الرغم من أهميتها وأهمية ما قدمته لمجتمعها، أمر مشوق لا يصيب قارئه بأي ملل  فالخيِّر لم يضع ذيوع الصيت مقياساً وحيداً لاختيار شخصيات كتابه بل كانت  معظم تفاصيله إنسانية، وفي كل صفحة منه معلومة مفيدة إذ استند في إعداد كتابه الذي يحمل رقم -7- في هذه السلسلة المصورة المتواصلة على مقولة البلاغة في الإيجاز، كما يؤكد الخير في حديثه عن الكتاب بقوله: “إن الحرب الكونية التي تشن على سورية قد فرضت نفسها لاشعورياً في اختيار العديد من هذه الشخصيات التي ضمها الكتاب بين دفتيه، كيلا تحدث فجوة بين ما يجري اليوم من أحداث جسام وبين ما جرى في الماضي القريب من أحداث لها خصوصيتها.
لوردا فوزي