ميسون أبو أسعد لزاهي وهبي: هكذا هو السوري عبر تاريخه في الأزمات
هل فكرت أن تحتذي بزملاء لك بالإقامة في مصر، التي تعتبر هوليود العرب؟ يسألها مضيفها في بيت القصيد فتجيبه بتلقائية:”فعلاً هي هوليود العرب، ومن ينجح في القاهرة يضمن أن ينجح في العالم العربي، لكني أستصعب فكرة نقل إقامتي ولم أستطع ذلك أبداً، وأتمنى أن لا يكون هذا الأمر شرط المشاركة في الأعمال المصرية.
حالة إنكار
ميسون أبو أسعد التي توارت خلف صورة الفتاة القوية الواثقة، روحاً رقيقة كادت الأحداث أن تكسرها، لم تستطع إخفاء أن ما يجري هزّها وأدخلها في حالة إنكار لما يجري لفترة طويلة، ولم تخرج من صدمتها بالأحداث التي كغيرها من السوريين لم تتوقعها إلا مؤخراً بحيث أفرغت عواطفها من خلال الانغماس في العمل. ولمحاورها الذي لفت نظره الأعمال الدرامية التي تجري على قدم وساق بالرغم من الحرب الجارية أجابت: “هكذا هو السوري عبر تاريخه في الأزمات، وهو الإثبات الحقيقي على سوريتنا”. لكنها توافقه أن الأحداث أرخت بثقلها نوعاً ما على مسيرة الأعمال الدرامية من جهة الكم، إلا أنها لحسن الحظ دفعت بها باتجاه أن تكون أكثر واقعية: “بعد سنتين من الأزمة أصبح يستحيل تجاهل ما يجري في الدراما”.
خلط الفن بالسياسة
وبالرغم من أنها لم تواجه المشكلة بشكل شخصي، إلا أنها ترى في محاسبة الفنان تبعاً لموقفه ورأيه السياسي، وخلط الفن بالسياسة أمراً محزناً، وهو ما تعرّض له فيلم “الأم” الذي منع من المشاركة في العديد من المهرجانات الخارجية؛ من قبل دول يفاجئونا أن تأخذ هكذا قرارات بينما ما يجري على الأرض، يأتي تحت مسميات الحرية والديمقراطية.
ميسون التي شاركت في العديد من الأعمال الدرامية الناجحة، تجد أن أكثر شخصية تشبهها “سارية” في مسلسل “على قيد الحياة” العمل الذي لم يأخذ حقه في العرض على الفضائيات، بالرغم من أن كل دور قدمته يحمل جزءاً من شخصيتها، الأمر الذي يجعلها تضع في حسبانها أن النص هو أول معايير قبول أو رفض المشاركة في أي العمل، بالإضافة إلى ما يمكن للمخرج أن يقدمه لها من قيمة جديدة، وهو ما جرى معها في فيلم “الأم” الدور الذي رفضته بداية إلا أنها بعد قراءتها النص، استفزها الدور لقبول التحدي بأداء دور أم لفتاة أدت دورها زميلة لها تقاربها في السن.
هاجس الانتشار
هل ترى في صورة المرأة على الشاشة ما يرضيها؟ يسأل محدثها، لتجيبه أنه من الجميل إظهاره المرأة، بشكل جميل إلا أن أعمالاً كثيرة باتت تذهب في اتجاه تجاري موضحة أننا أصبحنا: “نشتري فورمات وأعمال مكسيكية وسواها بعيدة جداً عنّا، ونحن هنا نتغرب ليس بشكل المرأة وصورتها “الدمية” إنما يتم تغريبنا عن زماننا ومكاننا”. معتبرة أنها حالة انعكاس لفئة قليلة من المجتمع يتناسب وتطلعات المنتجين في ذات الوقت “في تبرئة للممثل والكاتب والمخرج” محملة المسؤولية لجهات التمويل وضرورات التسويق بالإضافة إلى ذائقة فضائيات طاغية.
ربما من هذا المنطلق أتت مشاركتها في “باب الحارة” المسلسل الذي لقي انتشاراً واسعاً كما واجه انتقادات شديدة، خصوصاً لجهة الصورة المرفوضة وغير المنصفة للمرأة تقول: “ربما أُخذ عليه هذا في الأجزاء الأولى في نظر من تناوله كعمل تأريخي “بينما العمل كما رأت وسواها من المشاركين فيه هو عبارة عن “حدوتة” شعبية تعتمد المبالغة في إظهار الصورة، مضيفة أنه تم تدارك هذا الأمر في الجزء السادس وربما تم الاشتغال على هذه النقطة نتيجة ملاحظات الناس، وما تمر به سورية من أحداث”. في تبرير واضح لمشاركتها فيه بعد العديد من الأعمال المتميزة لها كمسلسل “المارقون” و”عن الخوف والعزلة”: “أتى ذلك في مرحلة كنت أفكر فعلياً بالتغيير وأنا لا أستكتب ولا أستطيع تفصيل أدوار تناسبني” وهل هو هاجس الانتشار؟ تؤكد: “أكيد فالممثل فيه إما سينتشر، أو ستتأكد نجوميته السابقة “.
بالرغم من أن بداياتها كانت في المسرح الذي ترى بالوقوف على خشبته متعة غامرة، إلا أن آخر مشاركاتها المسرحية كانت في العام 2011 في مسرحية “السقوط” مع الفنانين دريد لحام وعمر حجو، وهو ما ترده إلى خاصية الانتقائية الشديدة في الأعمال المسرحية، كون المغامرة فيها أمر بالغ الصعوبة، إلا من خلال مخرج مخضرم تشعر معه بالأمان، بالإضافة إلى أن الوضع الأمني بات يقف عائقاً أمام الحركة المسرحية حالياً.
بقعة ضوء
أبو اسعد التي تترك القيادة لمشاعرها في تقديم أدوارها، تمكنت حتى الآن وخلال فترة قصيرة التنويع في أدوار، يشكل كل منها بقعة ضوء في مسيرة أعمالها الفنية، تعبر عن سعادتها بتحقيق حلمها في المشاركة في الجزء الحادي عشر لبقعة ضوء، كونه المشاركة الأولى لها في عمل كوميدي الأمر الذي كانت تخشاه دوماً؛ مؤيدة محاورها بأن “بقعة ضوء” هو بقعة ضوء في تاريخ صناعة الدراما السورية “باعتباره عملاً سورياً بامتياز يمتلك الكثير من أجواء المسرح في الارتجال والعمل مع الشريك وتجاوز النص أحياناً متيحاً الفرصة في الاعتماد على طاقة الحب والشغف لدى جميع المشاركين من مخرج وممثلين على السواء.
وفي متابعة مسيرتها باختيارها أدواراً تبتعد فيها عن الصورة النمطية التي ربما يستسهلها الكثير من المخرجين والمنتجين، الطريقة التي نجحت فيها إلى حد ما، فتابعناها في “طالع الفضة، حدود شقيقة، أرواح عارية، أهل الغرام” وأفلام كـ “مريم وأهل الشمس”، ومسلسل حرائر لباسل الخطيب الذي يعرض حاليا، تفرض ميسون أبو أسعد نفسها كواحدة من نجمات الدراما السورية التي بالإصرار على البقاء والاستمرارية المميزة تقاوم صعوبة الظروف والحرب الطاحنة التي تواجه السوريين جميعاً.
بشرى الحكيم