ثقافة

“نفوس كرام” … الكاميرا على خطوط التماس والخوذة والسترة المضادة للرصاص .. ملامح الإعلام المقاوم

جندي سوري بلباسه الميداني كامل الألق، إلى جانبه العلم السوري شامخ، يقبض بيدين من ورد ونار على بندقيته، بينما عيناه تنظران إلى الحضور، تشيعان أمناً وأملاً، وكأنها تقول: اطمئنوا نحن هنا.
هي ذي الصورة التي تستقر عليها شارة “نفوس كرام” البرنامج الذي تبثه الإخبارية السورية، وتعدّه وتقدمه الزميلة “ليمونة صالح”.
نزلت كاميرا الإخبارية السورية إلى ميادين القتال، لا كما نزلت من قبل، إن كان في الشكل أو في المضمون، حيث ذهب “نفوس كرام” ليكون مع رجال الجيش العربي السوري، وهم يخوضون حربهم، البنادق موجهة إلى صدر العدو والرصاص وكأنه مطر وانهمر، الخطط  توضع حسب سير المعركة عندما يتغير التكتيك الموضوع، وهذا هو جوهر حرب الشوارع، التكتيك المتغير حسب المستجدات.
الحرب التي صار رجال الجيش العربي السوري من أعتى وأشد محاربيها وأمهرهم في العالم، اشتباكات عنيفة تدور على بعد أمتار قليلة، الكاميرا كانت على خطوط التماس المباشر مع الجنود تصوب عدستها أيضاً لتنقل ما لا نعرفه عن البطولات الأسطورية  لبواسلنا التي تحدث تحت أرض العاصمة، بينما سكانها ينامون باطمئنان فوقها.
“نفوس كرام” في حلقته الأولى اختار الميدان الذي يتساءل عنه وعن مجريات أحداثه كل السوريين والعديد من الدول المشاركة في الحرب على سورية، على اعتبار أن “جوبر” هذا الحي الدمشقي الكبير، هو من الأحياء التي تطل على العاصمة من جهة، الأمر الذي دفع بأعداء سورية لجعله بوابة النار التي ستفتح على العاصمة بينما جهته الأخرى تتصل مع العديد من مناطق الغوطة الشرقية التي تقع بأيدي إرهابيي داعش والنصرة والجيش الحر مع باقي الفصائل الإرهابية المسلحة التي تختلف راياتها وتسمياتها فقط، أما مذهبها التكفيري الإجرامي فهو ذاته، وهذه المناطق مطوقة من قبل الجيش، ويبقى جهة تمتد على مسافة 800 متر يعمل الجيش على تطهيرها، لإكمال الطوق على “جوبر” وفصلها عن بعض طرق إمدادها، ما يعني نهاية حلم الإرهاب بجعل “جوبر” منطلقاً لحروب داخل العاصمة، روج لها إعلام العدو طويلاً، ليرد عليه واقع الحرب، والبعض من مجرياتها التي نقلها “نفوس كرام” باستحالة تحقيق رغبات أمراء الوهابية السعوديين ومشغليهم وأتباع مال نفطهم، بتدمير عاصمة الأمويين من أي جهة كانت.

جوبر ومعارك الأنفاق
ما عجز إرهابيو داعش والنصرة وغيرهم من عملاء الصهيو وهابية عن تحقيقه فوق الأرض، حاولوا تحقيقه من تحت الأرض، بعد أن قاموا بحفر الكثير من الأنفاق التي تصل جوبر بالمناطق المتاخمة لها كالقابون، أحد القادة الميدانيين أكد لـ “نفوس كرام” وهو يجول مع طاقم العمل في بعض الأنفاق، عن وجود مدينة كاملة من الأنفاق، التي يستخدمها الإرهابيون أيضاً  لتفخيخ الأبنية التي كان الجيش يقوم ببعض عملياته من داخلها وتفجيرها، لتأخذ بهذا الشكل المعارك في الحي الدمشقي أسلوباً مختلفاً ومغايراً، ولتصبح المعارك التي تدور بين الجيش العربي السوري وبين العصابات الإرهابية المسلحة هي ما يعرف اليوم بـ “معارك الأنفاق”، وهي حرب لا تخوضها الجيوش الكلاسيكية كالجيش العربي السوري عادة، إلّا أنه أصبح كما أسلفنا من أعتى محاربيها على عكس كل الجيوش الكلاسيكية، وهذا إنجاز عظيم يضاف إلى سجل بطولات هذا الجيش الذي لا يُقهر.
كاميرا الإخبارية نزلت ببرنامجها “نفوس كرام” إلى تلك الأنفاق، حيث مضت الزميلة “ليمونة صالح” بـ “الخوذة” السترة الواقية من الرصاص دون بهرجة المكياج وزينته، لتكون بين الجنود تنتقل معهم وهم يطاردون العصابات الإرهابية من نفق لآخر، وهذا ما يحسب للزميلة “صالح” تخليها عن ما تتحفنا به بعض إعلامياتنا بهكذا نوع من البرامج الميدانية، من حرصهن المبالغ به في الحفاظ على “اللوك” الذي يبدي محاسنهن ما يضعف مصداقية ما يقمن به “إحداهن مثلاً لم تتخل عن الكعب العالي!” ويحسب أيضاً لـ”نفوس كرام” بطاقمه الذي تواجد في منطقة جوبر لينقل مجريات المعارك الشرسة التي يخوضها الجيش العربي السوري تحت الأرض كما فوقها، شجاعتهم وحرصهم على نقل التفاصيل الدقيقة للحروب الدائرة في تلك الأنفاق ليشاهد العالم أجمع من هو الجندي العربي السوري، الذي ما زال محافظاً على أعلى قيم الانضباط  العسكري حتى في حرب غير تقليدية كهذه، وتحليه بروح معنوية عالية لا تنال منها النوائب والصعاب الشدائد، فكما نقل “نفوس كرام” صورة اليد القابضة بعزم كل أهل الحق على الزناد، نقلت أيضاً الابتسامة العذبة التي ترتسم على وجه واحد من بواسلنا، وهو يُنقّل نظراته بين فوهة بندقيته وبين عدسة الكاميرا ليقول لكل السوريين: سننتصر.
تمام علي بركات