ثقافة

“في عيدكم الأغر” أنتم الأعلون وصوت الانتصار المقدس

بوركتم في عيدكم الأول من آب، بوركتم يا تقاة المحبة يا قصيدة النار، بوركت مجدليات الانتصار بكم وأنتم الأعلون، أنتم العيد وما يرمز إليه من معانٍ عظيمة الشأن. في عيدكم ماذا نقول لكم، أنتم كل بنادقنا المقدسة وقصائد الشرف، أنتم أحجار الصوان التي لا تهاب الشمس الحارقة والعواصف الباردة، كل الكلمات تبدو خجولة أمامكم، كل المعلقات تنحني لكم وتكبر بكم، وأنت يا عيد جئتَ إليهم لتبارك خبطة قدمهم، لتبارك كل تفاصيل حياتهم المقدسة، حياتهم التي لا تعرف حتى الاكتفاء الذاتي، جئتَ إليهم بألف سؤال وسؤال عن بردهم، عن جوعهم، عن شتائهم القارص وعباءة الإيمان والعقيدة التي تلبسهم وتتلبس وقتهم كأنها الصلاة المقدسة،  كأنها الصوت القدسي الآتي من قبور الشهداء ومن الجراحات المقدسة، من وهج الشوق المحترق لمن هم على الجبهة الآن، يرسمون ملامح الغد الجميل، الغد الذي نشتاق إليه وننتظره بلهفة كما ذلك الأب المقاتل الذي حمل الوطن في عينيه وقلبه ينبض بشوق المحبة لأطفاله، ينبض بألف وجعٍ تتوهج نيرانه الحارقة في الليالي الباردة حيث هم هنا وهناك وراء التلول يستقبلون الشروق ويودعون الغروب ويبقى السؤال الأهم في لجة احتراقنا نحن واحتراقهم هم، يبقى السؤال مداداً من الحزنِ على من أضحى شهيداً بين صلاتي الفجر والغروب، أصبح حزناً عميقاً بين الأحبة يجول، كل الوجوه تسعدُ بك يا عيد، تقرأ نهجاً من البطولات وتاريخاً سطور عزه لا تنتهي، كل الوجوه تحيي قدومك كمن ينتظر قدوم أقواس النصر إلى قاب بيته أو أدنى من الحزن العظيم، ذلك الحزن الذي تأتي به يا عيد نحن نسأل عمن كانوا يحتفلون بك قبل سنوات؟! كانوا في قلب المهرجان، ولم يكن الحزن مدعواً إلاّ فيما ندر من الأيام، اليوم اتسعت المساحة المخصصة للقبور عندنا! وتلك الأم الثكلى تجلس على كرسي الوجع أو تفترش الأرض وتجلس على عشبها الأخضر أو اليابس لا يهم تقول لنا: في قلبي تشتعل حرائق العالم كله، يشتعل الاشتياق المعلن والسري ليمحو محدودية الزمن والمكان، ويسأل ألاّ ترأف أيها الشوق العظيم بحالنا وترحالنا وحتى محدودية آفاقنا التي يتسع بها النداء، ويتسع أكثر في عيدكم في مهرجان التضحية الذي ما كان لولا وجودكم، يقال: أنتم سرّ الصمود الكبير وشيفرة التحدي، أنتم عجيبة أخرى من عجائب الدنيا، من نهجكم نقرأ ألف لغة من لغات التحدي والمكابرة على الجرح مهما كان موجعاً، هنا شاب كان قد فقد عينيه ولكنه يعيش حياة مضيئة بنور البصيرة والتبصر وعندما سُئل كيف له أن يعيش الحياة الأقرب إلى الطبيعية، أجاب بأن قلبه يرى كل من يعشق ويحب، يرى كيف لفظت عينيه البؤبؤ ساعة الانفجار، كيف سال الدم وأصبح يتراءى له أنه في عالم آخر، يتابع بقهرٍ وتحدٍ شديدين ربما كنتُ أبتغي ذلك العالم والهروب من هنا، حيث توجد عوالم مختلفة من الظلم ولغة البهتان، هناك وفي لحظة الانفجار كنتُ أرى ظالميْ الوطن، كانوا الأشدُ قسوة، كانوا الأشدُ توحشاً لحماة العرض والأرض، كانوا يوقفون ساعة مجدنا الأزلية وحتى موعد أعيادنا.
الآن توقف الكلام في حضورهم الأبهى، في حضرة وجعهم الباقي كعلامة نورٍ  وأنتم نجمة توهجٍ عندما تجرّح خد الليل وتبزغ لتلقي عليكم صولجان الفخار.
سلام الله عليكم يا تقاة العز وألبسكم الله ثوب مجده الأغر.. بوركتم وكل عام وأنتم بخير
كل عام وأنتم الوطن والشرف والإخلاص.
منال محمد يوسف