رافضاً أن تكون وزارة الثقافة مسؤولة لوحدها عنه مأمون الفرخ:أدعو كل الوزارات لتخصيص جزء من ميزانيتها دعماً لمسرح الطفل
دعا الفنان مأمون الفرخ من خلال صحيفة “البعث” وعلى هامش مشاركته في المسرحية العرائسية “حيلة أرنوب لطرد الثعلوب” التي تقدم حالياً على خشبة مسرح العرائس، كل الوزارات لتخصيص جزء من ميزانيتها دعماً لمسرح الطفل، رافضاً أن تكون وزارة الثقافة مسؤولة لوحدها عن هذا المسرح الذي يتوجه لطفلنا “طفل المستقبل” الذي نبني من خلاله مجتمعنا، منوهاً إلى أنه يجب أن لا نرمي الحمل كله على وزارة الثقافة فقط لبناء الطفل، حيث من المفترض أن نكون جميعنا مشاركين في بنائه بشكل صحيح وحقيقي.
العمل الجماعي هو الأهم
وعن مشاركته في مسرحية “حيلة أرنوب لطرد الثعلوب” يبيّن الفرخ أن العمل يقوم على حكاية بسيطة جداً نصاً وأداءً، وهو بذلك يلامس الطفل ببساطة وبعيداً عن السطحية لأن مضمونه يقوم على فكرة غاية في الأهمية، وهي أن العمل الجماعي هو الأهم، فمن خلاله يمكن البناء وهو أساس كل شيء، وأن انفصال البعض عن الجماعة غالباً ما يجعلهم يقعون في مطبات كثيرة وهذا ما تبينه المسرحية للطفل من خلال اللعب والدمى ومن خلال الديك المغرور الذي يقرر أن يترك المزرعة التي يعيش فيها مع أصدقائه لاعتقاده أنه الأفضل، فيصبح صيداً ثميناً للثعلب ولا ينجو من هذه المصيدة إلا بفضل أصدقائه المحبين له الذين رفضوا أن يتركوه يواجه الخطر لوحده، طالباً في نهاية العمل السماح والعودة للانضمام إليهم.
وعن دوره في العمل يوضح الفرخ أنه يجسد دور العم مأمون صاحب المزرعة الذي يعتني بحيواناته ويقدم لهم النصحَ والإرشاد، مؤكداً أن العمل يلامس شغاف الطفل لبساطته، حيث لا فذلكة ولا تعالي فيه على الطفل، وهو يخلو من الأستذة التي يمارسها البعض على الطفل في معظم أعمالنا المسرحية نتيجة جهلهم كيفية التوجه للطفل فيكتبون نصوصاً بلغة لا تناسب الطفل وخصوصيته، في حين أن الكتابة للطفل يجب أن تكون بشكل مختلف على صعيد اللغة والحبكة الموجودة في النص والتي يجب أن تأخذ بعين الاعتبار وجود بداية قوية ونهاية جميلة.
ماذا قدم المسرح المدرسي للطفل
ويعبر الفرخ عن سعادته الكبيرة لمشاركته في “حيلة أرنوب لطرد الثعلوب” شاكراً المخرج عبد السلام بدوي لاختياره له، مشيراً إلى أن أعمالاً متعددة جمعته بالمخرج بدوي الذي يشاركه محبته لعالم الطفل ومسرحه، وبشكل خاص مسرح العرائس الذي يعتبره الفرخ ركناً أساسياً في حياة طفلنا، مشيراً إلى ارتباط الطفل الوثيق بهذا المسرح الذي يعتمد الدمى، لأن الدمية خلقت مع الطفل فيفرح من خلالها ويفرغ كل شحناته السلبية فيها، فتلازمه في صحوه ونومه وتخفف من ضغط الأهالي والمحيطين به، يكلمها وتكلمه، وتتحول أحياناً إلى أمه وأبيه وأخيه، وأحياناً أخرى إلى صديقه وصديقته.. من هنا يدعو الفرخ لأن يكون مسرح العرائس حاضراً وموجوداً في كل المدارس، متسائلاً: “ماذا قدم المسرح المدرسي لهذا الطفل على صعيد المسرح؟” مؤكداً أن المسرح بحاجة إلى الفعل وليس إلى موظفين لا يتذكرون الطفل إلا في المناسبات.
إقامة مسرح طفلي حقيقي
ولأن مسرح الطفل بالنسبة للفرخ هو وجوده وكيانه، وعلاقته به ليست أمراً طارئاً أو محكوماً بظرف ما يصر الفرخ على التواجد في هذا المسرح غير المغري مادياً، خاصةً وأن علاقته بالطفل علاقة خاصة تقوم على الحب والود والشعور أحياناً بأنه ما زال طفلاً، منوهاً إلى أن علاقته بهذا المسرح علاقة قديمة شكلاً ومضموناً، وقد كان مسرح الطفل عنواناً لرسالة الماجستير له، كما لا ينكر الفرخ أن العاملين في مسرح الطفل والعرائس يعملون به لحبهم الكبير للطفل دون الأخذ بعين الاعتبار الأمور المادية لأنهم إن فعلوا ذلك فلن يعملوا لأنه مسرح فقير.. من هنا يشكر الفرخ كل العاملين فيه متمنياً أن يلقى هذا المسرح الدعم لتطويره وتحسينه، مبيناً أن النواقص كثيرة، لكن هذا لم يكن في يوم من الأيام مبرراً لمحبيه لأن يجلسوا في بيوتهم دون عمل تاركين أطفالنا في مهب التلفزيون الذي خرب عقولهم، شاكراً في الوقت ذاته مديرية المسارح والموسيقا التي قدمت أعمالاً مسرحية طفلية في هذه الظروف وهي جادة في إقامة مسرح طفلي حقيقي، والدليل أن هذه الأعمال لم تنقطع أبداً فما إن تنتهي مسرحية حتى تبدأ أخرى، وهذا أمر مهم وضروري، حيث يتواصل الطفل بشكل دائم مع مسرحه الذي يقدم المعلومة والمتعة، خاصة وأن الطفل ورقة بيضاء، ومن يرسم عليها يحصد في المستقبل ما رسمه لطفلنا، فالطفل عجينة يمكن تشكيلها وهذه مسؤوليتنا كلنا برأيه، حيث يجب أن نكون من المشاركين في بنائه بشكل صحيح وحقيقي، مؤكداً أنه لن يتخلى عن هذا المسرح وهو الذي لم يتوانَ يوماً عن المشاركة في أعماله رغم أجره المتواضع.
ويختم الفرخ حواره موضحاً أنه سعيد لأنه في كل مسرحية يكتشف شوق الأطفال للمسرح، وجمهور هذا المسرح يزداد يوماً بعد يوم ولا يمكن لأحد أن يتخيل كم تكون سعادته كبيرة عندما يتصل أحد الأطفال مستفسراً عن موعد المسرحية القادمة أو حين يقابل طفلاً من الأطفال فيبادره الطفل متسائلاً إن كانت هناك مسرحية جديدة له أو لأحد زملائه في الوقت القريب، منوهاً إلى أنه اليوم بصدد التحضير لعمل مسرحي موجه للأطفال عن نص لماهر جلو بعنوان “شرحبيل والفتى النبيل”.
أمينة عباس