ثقافة

“سينما.. ميكينغ أوف” سينما داخل السينما

يحب الدخول في تفاصيل ما يعمل به وأن يُظهر اللعبة إذا جاز التعبير للمشاهد، وهذا ما فعله المخرج المهند حيدر بشكل مختلف من قبل في عمله المسرحي “حدث في يوم المسرح” نهاية 2014، وفي نصه الآخر “احتفال خاص بالمسرح”. واليوم أحب أن يوجه بفيلمه الجديد الذي يحمل عنوان  “سينما ميكينغ أوف” تحية إلى السينما ومحبيها، وبالدرجة الأولى إلى الجنود المجهولين فيها الذين لا ينتبه لأسمائهم أو يبحث عن صورهم أحد، والذي لا يمكن لفيلم أن ينجز أو أن يخرج إلى النور دون عملهم. وفي حوار مع “البعث” يقول مخرج فيلم “حبر الآن” عن فيلمه الجديد: هو فيلم قصير، قد يميزه أنه كوميدي، وهو أمر نادر في عالم سينما الأفلام القصيرة خاصة السورية منها، لكن المميز الأكبر له أن كل شخص في الفيلم يؤدي دوره الحقيقي في عالم السينما، فالممثل ممثل، ومدير الإنتاج مدير إنتاج، وكذلك مشرف الصوت ومنفذي الإضاءة والماكييرة وكافة أعضاء الفريق الذي أنجز الفيلم، المخرج فقط لم يكن هو نفسه، أي لم يكن أنا، وكذلك مدير التصوير والإضاءة.
وأسأله عن المعنى الذي يحمله عنوان الفيلم فأجابني: يعتمد “سينما ميكينغ أوف” من حيث البنية على تقنية الغروتسك في الكوميديا، وهي تقنية هامة في المسرح لكنها في السينما السورية نادرة الاستخدام والتوظيف. ولتوضيح معنى الغروتسك بإمكاننا تذكر كل الأعمال الكوميدية العظيمة سواء شارلي شابلن أو لوريل وهاردي والأخوة ماركس وحتى بيني هيل وصولاً إلى مستر بن، وهو فن قديم يعتمد على تقديم الواقع بطريقة مغايرة أو محوّرة تبرز الحالة وما نريد التركيز عليه في هذا الواقع أو الحالة من خلال المبالغة الكوميدية في تصويرهما، ولأجل ذلك فإن على كافة العناصر أن تتشارك معاً في بناء لغة الفيلم والأداء وأسلوبية التصوير وحجم وزمن اللقطة واللون والموسيقى وأسلوبية المونتاج وما إلى غيره، بشكل متوافق تحقق النتيجة المرجوة.
وهكذا كما في لعبة المسرح داخل المسرح، سنرى سينما داخل السينما في فيلم “سينما.. ميكينغ أوف”، دون حوار، وبالاعتماد على الأداء فقط. ويتابع: عادة لا أقدم حكايات في أفلامي، بل أقدم حالة، وحتى إن استندت هذه الحالة إلى حكاية فإن الحكاية يكون دورها فقط خدمة إبراز هذه الحالة، لذلك هنالك حكايتان تتداخلان لتشكلان الفيلم، دون أن تكونا موضوعه الرئيسي، بل لتقدما الأرضية التي تبني عليها الحالة والموضوع الذي يقدمه ويعالجه.
وأطلب منه أن يشرح لي أكثر حول توظيفه للصورة في الفيلم فيقول: الفيلم يستقي تفاصيل بارزة في الصورة السينمائية لمسيرة سينما الكوميديا العالمية في بنيته، ليس فقط على صعيد الصورة وتكنيك التصوير، وقد لا أميل إلى استخدام الأبيض والأسود، لأني لا أميل لذلك في الكوميديا، وذلك جزء من تكويني الذاتي، فأنا مسحور بألوان سينما السبعينيات، لكن يبقى ذلك غير نهائي، لنقل بالمجمل أني أحاول تقديم فيلم قصير كوميدي بسيط في ظاهره وعميق في باطنه، على الرغم من أن الأفلام القصيرة لا تقترب من الكوميديا عادة، خاصة في سورية. وفي النهاية عندما أقول عن كل فيلم أنجزه: “أنه ليس فيلمي وحدي بل هو فيلم كل من شارك في صنعه من موقعه فأنا أعني ذلك بجدية، وفيلمي هذا “سينما ميكينغ أوف” هو تأكيد لذلك.
وعن الفنون والثقافة يعبّر مخرج “حدث في يوم المسرح” بقوله: مازالت الفنون والثقافة ينظر إليها على أنها قيمة فائضة في المجتمع ولا يوجد اهتمام حقيقي بدورها الاجتماعي والثقافي، أو تقدير لما يقوم به العاملون فيها بأنواعهم، هذا كله من الممكن أن يؤدي بنا إلى دمار ثقافي، ولا يجب لما يحدث من خراب أن يصادر الفن والثقافة، فالثقافة ليس لها وقت بل يجب أن تكون دائمة الحضور.
وفي الختام وجه مخرج فيلم “سما” كلمة للعاملين في الفيلم قائلاً: لا بد لي أن أقول أن كل من شارك في هذا الفيلم هو بحق شريك حقيقي في نجاحه، لذلك أوجه تحيتي لهم جميعاً: مدير الإضاءة والتصوير باسل سراولجي ومدير الإنتاج حسان الموحد، وأخص الممثلون سامر خليلي وأديب رزوق وسالي بسمة وتماضر غانم ومحمد حسن ومضر رمضان، وأعضاء الفريق الفني والتقني في الفيلم الذين عملوا كممثلين بأدوارهم الحقيقية فيه أيضاً، وبالتأكيد للمؤسسة العامة للسينما وكافة العاملين والفنانين فيها ممثلة بمديرها الأستاذ محمد الأحمد.
بطاقة الفيلم
إنتاج: المؤسسة العامة للسينما 2015- سيناريو وإخراج: المهند حيدر- تمثيل: سامر خليلي، أديب رزوق، سالي بسمة، تماضر غانم، مضر رمضان، محمد حسن، حسان الموحد، وكافة الفريق الفني والتقني للفيلم- مدير الإضاءة والتصوير: باسل سراولجي- مدير الإنتاج: حسان الموحد- مدير إدارة الإنتاج: مراد شاهين- مشرف الإنتاج: منير جباوي- ماكيير: هويدا يوسف- مشرف الصوت: عماد دك الباب- فوتوغراف: محمد علي.
جمان بركات