ثقافة

«صولو» الحياة المتجددة

ملده شويكاني
نغمات مفاتيح البيانو التي تشبه الحياة بسوادها وبياضها والتي تمضي غالباً برتم هادئ أحياناً وصاخب في أحايين كثيرة،وصولو البيانو الذي حمل عنوان “الوقت إلى الأمام” والذي عزفته د.أرمينوهي سيمونيان أثناء قيادتها الفرقة الوطنية السمفونية مؤخراً في الأوبرا للمؤلف الروسي “سفير يدوف”  لم يكن مفاجأة الأمسية فقط بإيقاعاته الصاخبة والسريعة،وإنما انسحب على أغلب المقطوعات الكلاسيكية التي تضمنها البرنامج الصعب،واستغراب الجمهور ومن ثم إصغاؤه،لاسيما في مقطوعة فرانك “دي مينور” التي استمرت عشرين دقيقة،وكانت أشبه بجلسة حوارية تبادلت فيها الأفكار جميع الآلات الموسيقية من خلال جمل صولو متداولة بالترتيب ومتناقلة بين الآلات مشكّلة نسقاً متكاملاً لوحدة موسيقية كبرى.
يظهر حبّ الجمهور للمقطوعات الكلاسيكية وثقافته بهذا المجال بدليل تفاعله مع اللغة الموسيقية الكلاسيكية،حينما عزفت الفرقة فالس الدانوب الأزرق لشتراوس،فعادت إلى ذاكرة الحاضرين صور قديمة لأشخاص تشاركوا معهم بسماع نغماته،وتفاعلهم الأكبر مع مقطوعات المؤلف الأرمني خاتشادوريا من باليه غايانيه رقصة السيوف التي مزج فيها بين الموسيقا الكلاسيكية والشعبية.
البرنامج الصعب الذي ارتأت سيمونيان تقديمه لإظهار قدرة العازفين الجدد على الانسجام مع تقنية العزف الجماعي وعلى أداء هذا النوع من المقطوعات،وفي الوقت ذاته التواصل مع العازفين القدامى ومع الجمهور من خلال قائدة الأوركسترا، يعزز الثقة بعازفي الفرقة الوطنية السيمفونية ويؤكد مضيها نحو الأمام أسوةً بصولو “الوقت إلى الأمام”.ومن المؤكد أن الفرقة ستخضع لتقييمات دولية من قبل لجان خاصة وخبراء عالميين كما كان يحدث سابقاً من خلال مشاركاتها في المهرجانات الدولية والافتتاحات الرسمية،لتمكين الفرقة من الأداء ومن تحكم العازفين بقوانين الآلة وخصوصيتها،وفي كل الأحوال تمكّنها الآن من هذه الأمسية يعدّ خطوة جديدة،والتطور والتجديد بتبادل الخبرات بين العازفين الجدد والقدامى يؤكد على تجدد الحياة الدائم،والمحاولة لإيجاد الأفضل،وما طرأ على الفرقة الوطنية السيمفونية حدث سابقاً مع الدراما السورية التي استقطبت الوجوه الشابة وبعضهم شغل دور البطولة،ونجحت أيضاً في التآلف بين الجيلين،مما يثبت أن الوقت إلى الأمام دائماً وأن المتابعة هي طريق النجاح.