في الدورة السابعة لملتقى الشارقة لفن الخط العربي «النقطة» أصل الخط.. وثيمة الملتقى
دفعا لتأصيل الجذور الفنية والجمالية للتراث العربي، وفتح حوار مع الثقافات الأخرى التي كان لها دور في بناء الحضارة والتراث الإنساني، يقام ملتقى الشارقة الدولي لفن الخط العربي كل عامين في دورة تحمل ثيمة محددة شعارا لها، وفي دورة الملتقى السابعة التي ستقام العام القادم تم اختيار “النقطة” ثيمة للملتقى كما وصف في بيانه النقطة بأنها تعبير عن كينونتها الفنية التي تشترك في مفاهيم متعددة المستويات الفكرية والبصرية، وإذا كان المفهوم البصري لها يقدم لنا شكلا هندسيا أو تجريديا أو حتى أبعاداً غير واضحة الملامح أحياناً، فإنها في الخط العربي ومنذ أن اتخذها ابن مقلة أساسا في بناء الحروف لأجل خلق ذلك النظام أو التوازن البصري في منظومة الخطوط العربية، أصبح من اللافت التوقف عندها على أساس كونها وحدة التناسب الجمالي التي يعبر بواسطتها الحرف عن كيانه اللغوي والجمالي. وهنا تغدو النقطة مشروعاً في بناء نظام تم إنشاؤه على أساس استخراج الحروف من شكل الدائرة للتوصل إلى الخط المنسوب، وكما هي أيضا لدى أخوان الصفا تعبيراً عن النسبة الفضلى في الفن البصري أو الموسيقي.
ستبدو لنا هذه النسبة مستنبطة من تأمل طويل ورياضي في عالم الطبيعة والكون وليس محض تخمين عفوي، ويورد ابن وحيد في شرحه لرسالة ابن البواب “في الخط والقلم” بأن الخط ضرب من ضروب التصوير أي الرسم ومعناه أن الخط هو إلهام كل صناعة وغايتها تشبيه فعل الطبيعة فيجب أن تكون كل كلمة كالصورة متناسبة الأعضاء.
ويصف الحلاج النقطة عبر محاججاته الفلسفية بأنها إشارة ربانية فيقول: “إنها أصل الخط، والخط كله نقاط مجتمعة فلا غنى للخط عن النقطة ولا غنى للنقطة عن الخط، وكل خط مستقيم أو منحرف فهو متحرك عن النقطة بعينها، وكل ما يقع عليه بصر أحد فهو نقطة بين نقطتين، وهذا دليل على تجلي الحق في كل ما يشاهد وترائيه عن كل ما يعاين”
إن نظرية النقطة بوصفها مشروعاً لبرنامج فني بصري واسع، تجريدي وتشخيصي، يعيد الاعتبار إلى التصوير عبر فن الخط، والبحث بالتالي في الجمالي، قد قاد إلى تأملات رسمت ملامح واضحة لنظرية جمالية في فن الخط، توصف أحيانا بأنها وهمية لا تتحقق إلا بالبرهان ولا تعرف إلا بالخبرة، وهذه المقولة لها موسيقى بصرية، إذ يؤكد المستشرق باريت “أن الخطاط يتحكم في الحروف التي يكتبها، كما يتحكم الموسيقي في أحاسيسه تماما وهو يصوغ نغماً بذاته”، وتبقى النقطة لازمة موسيقية بصرية وجمالية، أنى حلت أو ارتحلت.
وللتذكير: يعتبر بينالي الشارقة للخط من أهم الملتقيات الفنية العالمية وقد شارك في دوراته العديد من الفنانين السوريين باتجاهات الخط الكلاسيكية والحروفية والأعمال التركيبية، فضلا على مشاركاتهم في الإعداد والتنسيق لفعاليات الملتقى وبالأخص في الندوة النقدية الموازية للملتقى خلال السنوات السابقة، وقد ترك الفنان طلال معلا وزميله الراحل عبد اللطيف الصمودي بصمة واضحة في تاريخ الملتقى والثقافة التشكيلية العربية عموماً، كما نال الفنانون السوريون خلال السنوات السابقة العديد من الجوائز الرفيعة مثال ذلك الفنان منير الشعراني وخالد الساعي والخطاط فاروق الحداد، كما كرم ملتقى الخط في إحدى دوراته الفنان السوري العالمي سامي برهان بالإضافة لعدد من الفنانين والخطاطين العرب.
أكسم طلاع