ثقافة

حضور الغياب

دعت المديرية العامة للآثار والمتاحف إلى ملتقى الخطاطين السوريين في المدرسة الجقمقية – متحف الخط العربي– ويهدف الملتقى إلى تسليط الضوء على الخط العربي باعتباره قيمة فنية وجمالية ووعاء للثقافة والقيم والفكر. من هنا يأتي لقاء الخطاطين مساهمة في تنمية الذائقة الجمالية لعشاق الخط العربي. إلى هنا الأمور طيبة وخطوة لابد منها، لكن الواقع مختلف عن التمنيات خاصة إن لم نكن على استعداد لتوفير أدوات  تحقيق هذا الطموح، وقد نقع في عكس ذلك، فكان لا بد من ملاحظات نوردها حرصاًً على أهمية الخط العربي وهويته و على عاصمته ودورها في تاريخ هذا الفن الأصيل، الذي يعتبر أهم معالم هويتنا العربية. و على نجاح أي ملتقى للخطاطين السوريين في القادم من الأيام، فكان لا بد من دعوة الخطاطين المتميزين وحسبي أنه في دمشق وحدها يقيم العديد من الخطاطين الذين حصلوا على أهم الجوائز في المسابقات العالمية، ولهم المكانة العالية في هذا الميدان، فمنهم كتَبة المصاحف ومنتجو اللوحة الخطية ومدرّسو مادة الخط في مواقع عديدة، وهذا الأمر لم يلحظ في هذا الملتقى، وبالتالي ينعكس على المردود الفني من الفعالية التي اقتصرت على طلبة وأساتذة قسم الخط في معهد الفنون التطبيقية ومدير المعهد- وفيهم البركة والخير- بينما رقعة الخارطة الفنية للخط العربي في سورية أكبر مما نتصور بتميزها بالخطاطين السوريين المبدعين الذين يحظون باهتمام عربي وعالمي، فمنهم من حصد أهم الجوائز العالمية في فن الخط ولدورات متتابعة في عدة مسابقات وفي عواصم مختلفة، فهل تم التواصل مع هؤلاء ودعوتهم لهذا الملتقى؟ فقد عُرف عن الملتقيات الفنية التي تعنى بالخط  حضور لخبرات متميزة تقيم ورشات عمل يحضرها جمهور من محبي هذا الفن وطلبة علم،  لكن الأمر مختلف حين نستعين بطلبة معهد الفنون التطبيقية ونجعل من تواجدهم مادة لورشة فنية يحاولون خلالها كتابة بعض اللوحات بأدوات غير أدوات الخط  وشروط غير شروطه. وللتوضيح فإن الخط العربي يحتاج إلى أدوات مادية كالقصبة والحبر العربي والورق المعد خصيصاً لصناعة اللوحة، وهو الورق المقهر والمعالج بالطريقة اليديوية التقليدية، هذا الأمر لم يكن متوفراً، كما تجري العادة في مثل هذه الملتقيات عرض آخر الأعمال الفنية لبعض الخطاطين إضافة للوحات خطية أصيلة ذات قيمة فنية كبيرة، كما تعقد الندوات الموازية لهذه الندوة يتم فيها مناقشة أفكار جديدة تتعلق بهذا الفن، على سبيل المثال الخط العربي والفن التشكيلي أو قضايا تتعلق بمهنة الخطاط وما يتهددها من اندثار أمام الوجود الالكتروني في الأعمال الطباعية والإعلانية وما مصير الخط كمهنة؟ أو نطرح أسئلة في ملتقى متخصص مثل هذا الملتقى حول مواضيع ثقافية تتعلق بالهوية الفنية وأدوات تعزيزها وتحصينها أمام ثقافة جديدة لاغية ومشوهة لهويات أصيلة، ما يتطلب دعوة أصحاب الرأي والخبرة من الباحثين والمتابعين، وحسبي أن هناك وفرة من هذه الخبرات في بلدنا، من الجميل دعوتها للمشاركة.
ومن المهن والفنون المرافقة  لعالم الخط العربي الزخرفة وفن الإيبرو وفن صناعة وإعداد رقاع اللوحة الخطية.
المهم أن الملتقى الذي أقامته المديرية العامة للآثار والمتاحف يقتصر على طلبة معهد الفنون وبعض المشاركين علماً أن مساحة العنوان الكبير متوفرة ببساطة في الراهن والموجود من الخبرات المستعدة لتقديم كل ما يلزم، فقط في ظل الإعداد الجيد والمنظم بعيداً عن الغايات المحدودة لأي إدارة في أي متحف، متجاوزين وظيفة الحارس أو أمين المستودع الثقافي.