ثقافة

حارات متغيرة الملامح وأحلام مؤجلة في “دمشقيات”

يعبق شذى دمشق وجمالها العمراني في لوحات معرض “دمشقيات” للفنان غسان تحسين بيك الذي جاء محملاً بالأحلام المؤجلة لفنان تجاوز السبعينيات من العمر، وحقق بعد طول انتظار معرضه الفردي الأول، وعلى الرغم من أنه تعلم مبادئ الرسم في ألمانيا الغربية إلا أن ريشته طالبته أن يجسد ما يملك من موهبة في لوحات تعكس عشقه لدمشق، فهو ابنها البار الذي رغب بأن يكون متواجداً وفاعلاُ في هذه الظروف التي تعصف بوطنه الذي يحب.

وفي نصريح لـ “البعث” يقول تحسين بيك: تنقلت في حياتي بين أنحاء دمشق المختلفة، دمشق التي تسكن الروح ويتملكني الخوف عليها، ألحت علي لكي أجسد مشاعري نحوها في لوحات تكون عبارة عن توثيق لمعالم دمشق القديمة وحاراتها العريقة، لذلك جاءت لوحاتي محملة بالهدوء والرصانة التي تشبه دمشق، مضيفاً: تناولت لوحاتي عدة أجزاء دمشقيه منها  الجامع الأموي، وباب مصلى، وبيت جبري، السنجقدار، وكذلك بعض حارات القنوات والعمارة، كما رسمت بعض تفاصيل البيوت الشامية من الداخل وأهم ما يميزها البحرة التي تتوسط الدار، لافتاً إلى رغبته في حفظ وتخليد صورة تلك الحارات في ذاكرة الناس قبل أن تندثر، فهي جزء مهم من تراثنا ومسؤوليتنا الحفاظ عليه، وعلى الرغم من أن هناك بعض الحارات حافظت على شكلها، إلا أن أغلبها اختفت ملامحها وحلت مكانها ملامح آخرى، كما ركز في لوحاته على كل ما يتعلق بالتراث الدمشقي كالقهوة والمولوية والياسمين الدمشقي.

رقص وحياة
قسم تحسين بيك معرضه المكون من حوالي 44 لوحة تتراوح بين القياس الوسط والكبير إلى قسمين، سيطر على الجهة الأولى منه الطبيعة الصامتة والتي تعني كل شيء جامد، كالجدران او الورود، أما الجهة الثانية فهي عبارة عن لوحات واقعية انطباعية لمناظر طبيعية، استخدم في تنفيذها الألوان الزيتية مع القليل من الألوان المائية والأكريليك، ويشير تحسين بيك إلى أن الموسيقى والرقص يبعثان الحياة في كل شيء لذلك خصص جزءاً من معرضه للباليه والفلامينكو عبر تجنيد حركات معينة من الرقص، فلكل حركة كما هو معروف معنى محدداً وغالباً ما يجهل الناس هذا المعنى، لذلك قمت بالإضاءة على بعض الحركات.

المأساة السورية
ولم يغفل تحسين بيك الأزمة التي تعيشها سورية في معرضه فجسدها عبر لوحة أسماها “المأساة السورية” عبر من خلالها عن التشرد الذي عانى منه الطفل السوري، وعن احتضان الأنثى في كل وقت لأخوتها أو أولادها، فتحسين بيك يرى أن المرأة هي كل المجتمع وهي المدرسة ومصدر الأمان في كل مراحل السلم والحرب، كما استوحى من إقامته في مدينة ساحلية ألمانية منظر البحر وجسده ضمن لوحاته بشكل إنطباعي وليس كلاسيكي، وختم تحسين بيك حديثه بالإشارة إلى أن للفن دور كبير في التغيير، فهو القادر على أن يعكس صورة جميلة وحقيقية لدمشق، وهو توثيق لجماليات العمران، والشعب السوري أثبت على الدوام أنه شعب خلاق.
لوردا فوزي