ثقافةصحيفة البعث

سعد القاسم.. الحب الذي جمع الأطراف حوله

يجتمعُ الرأي على أن سعد القاسم الفنان والناقد التشكيلي هو شخصية متعدّدة الينابيع والاهتمامات، وتحظى باحترام أغلب الفنانين التشكيليين في سورية، كما يمتلك سيرة حافلة بالعطاء في مجالات ثقافية عديدة كالدراما والفن التشكيلي والصحافة والإعلام وتولى إدارة بعض منابرها، سمّاه جده باسم سعد وعلّمه الوطنية وزرع فيه مناقب أخلاقها التي أنبتت التزاماً وإنسانية فاضت على محيطه ومحبيه.

في حديث له على الفضائية التربوية في برنامج “مبتدأ الكلام” حول الفن التشكيلي والصحافة والدراما والسيرة الذاتية الغنية أمتعنا وأفاد سعد القاسم المتواضع والمتزن برجاحة رأيه وحسّه المسؤول، فمن يعرفه يمكن أن يقول أكثر مما قال سعد عن نفسه المُحبّة والتي جمعت الأطراف حولها، وخاصة في وسط الفنانين التشكيليين العصيّ على الاتفاق حول رأي موحد فيما يخصّ مشاغل اللوحة والفن والنقد التشكيلي.

يذكر القاسم أن الفنان التشكيلي السوري كان مشغولاً بالهمّ الثقافي، وأن أولئك الرواد لم تكن ظروفهم بالمثالية، وقد أسّسوا لفن تشكيلي سوري وبنوا ملامح أساسية للحداثة التشكيلية والمواكبة، ورافق إبداعهم عدد من الكتّاب والنقاد، ولكننا نشهد في هذا الوقت ترويجاً للبشاعة والعبث على المستوى العالمي، حيث اللا جدوى أضحت نموذجاً للفن المعاصر الذي ينقاد في ركبه رهط كبير من فناني هذا الجيل الذين يشغلهم التجريب العابث والنقل أكثر من الهمّ الثقافي الحقيقي الذي يقتضي متطلبات إبداعية أصيلة تنتمي إلى واقعها وتطوره. وأضاف القاسم أن النقد هو اللاحق للعمل الفني ولن يكون قبله وإن سبقه حدّده وجمّده في قوالب الثبات والكسل، وما يحتاجه النقد هو الجمهور فلا فن دون جمهور وغياب الجمهور هو غياب النقد، وما دور النقد إلا تحديد أخلاقيات العمل الثقافي.

يبيّن القاسم أن ما يميّز النقاد التشكيليين السوريين أنهم على درجة عالية من الثقافة الفنية، ومنهم د.عبد العزيز علون وأسعد عرابي، كما أن أغلب من قدّم نتاجاً فنياً في النقد هم فنانون تشكيليون أمثال غازي الخالدي وممدوح قشلان ونذير نبعة وطلال معلا، كما قدّم التشكيلي محمود حماد كتاباً مهماً عن نصير شورى، ويعتبر عز الدين شموط باحثاً تشكيلياً بما قدّمه من نصوص بحثية أغنت المكتبة التشكيلية العربية وتجاوزت حالة النقد، ويضيف القاسم في مكان آخر أن الاتجاهات النقدية في سورية كانت منقسمة بين القيم الجمالية وقيم العمل الفني، إلا أن هذا الاتجاه بدأ بالانحسار مع توجّه اللوحة نحو اتجاهات الحداثة وابتعادها عن الموضوع لمصلحة الشكلانية والاهتمام بالحالة البصرية أكثر من تقديم الفكر.

في الدراما أكد القاسم على أهمية دور الرأسمال الوطني في الثقافة وإنتاج الأعمال الدرامية، لأن المال الآخر حدّد توجهها وفرض مواضيعها وخدم الحرب القائمة وشوّه الصورة الحقيقية عن المجتمع السوري، ما يجعل من الضرورة أن يأخذ الرأسمال الوطني دوره في الثقافة.

في الخاتمة نذكر أن سعد القاسم درس في معهد أدهم إسماعيل ومن ثم التحق بكلية الفنون الجميلة، وعمل محرراً اقتصادياً في جريدة الثورة ومن ثم رئيساً للقسم الثقافي فيها، كما شغل رئيساً لتحرير مجلة فنون ومن ثم مديراً للفضائية السورية، أنجز سبعين حلقة من برنامج “ملونون” حول الفن التشكيلي وله عدد من الكتب والمؤلفات التشكيلية، درّس لسنوات في المعهد العالي للفنون المسرحية والمعهد العالي للموسيقى، ويشغل حالياً رئيس جمعية النقاد والباحثين التشكيليين في اتحاد الفنانين التشكيليين في سورية.

أكسم طلاع