ثقافة

فـي كـتـابـه “الـحـلـم حـيـاة” د. ريـاض عصـمـت: الـتّمثـيل يتـضـمن قـدراً مـن الـكـذب

كتب ستانسلافسكي ذات مرة: “الممثلون هم بهلوانيو الروح”، وفي كتابه الشهير “طريق الممثل” يجادل برايات بيتس قائلاً: “هناك قوة خفية في التمثيل، إنها تلك الطاقة في الأداء الموجهة إلى الخارج بعيداً عن الذات” وبالمقابل ما زال الجدل قائماً في كثير من المعاهد وأقسام مسرح جامعية مهمة إضافة إلى أوساط مخرجين مشهورين إذا كان تعليم التمثيل ممكناً أم أن التمثيل موهبة يحظى بها المرء بإلهام رباني.

الموهبة أساسية
يؤكد د. رياض عصمت في كتابه الصادر حديثا  تحت عنوان “الحلم حياة: التمثيل الانتقائي” أن أعظم مدربي التمثيل وألمع المخرجين لا يستطيعون ادّعاء أنهم يستطيعون أن يعلموا التمثيل إلى شخص معدوم الموهبة بغض النظر عن قيامه بالدراسة ونيله شهادة، وهذا هو سبب وجود الاختبارات في المعاهد  المسرحية مع  إشارته إلى أن الموهبة أساسية لكن دون العناية بها وتطويرها، تجف في صحراء الملل والفن الميت. من هنا يشمل كتاب”الحلم حياة” على منهج متكامل في تدريب الممثل على الأداء المسرحي والسينمائي والتلفزيوني، معتمداً د.عصمت فيه على تجاربه وتجارب خبراء وأساتذة عالميين في هذا المجال، وهو منهج يمازج بين المشاعر والعواطف الداخليّة للممثّل، وبين تعابيره الجسديّة شاملاً لأهم المدارس المسرحية العالمية؛ وتكمن أهمية هذا الكتاب في سرده الدقيق لذلك المنهج مما يسهّل على المهتمين إقامة ورش للاستفادة من تلك التقنيّات والخبرات التي يوردها المؤلف، فالتمثيل أو الفعل التمثيلي كما جاء في الكتاب ليس موهبة فقط، بل هو كذلك منهج وعلم وتدريب ويتطلب المزاوجة بين الأمرين؛ وبالتالي فإن التدريب الانتقائي على التمثيل يتطلب وعياً يتجاوز الحدود المألوفة، موضحاً د.عصمت أنه اعتاد على تجنب استخدام كلمة “تمثيل” أحياناً لأن التمثيل يتضمن قدراً من الكذب: “إن الكلمات تكذب في حين تكشف الحركات نوايانا الحقيقية. الجسد لا يكذب، إنه يفصح عن الحقيقة الداخلية بغض النظر على الكلام” لذلك يعتقد عصمت أن كلمة “أداء” تتمتع بطيف أوسع من المعنى لأنها تشمل القدرات الجسدية والعقلية والعاطفية، وأن هناك عنصراً واحداً جعله يستخدم مصطلح تمثيل ألا وهو الفعل لأنّه قلب الدراما”.

النظرية والتطبيق
ويشير د.عصمت إلى أن هدف هذا الكتاب هو تحليل التمثيل بطريقة تساعد على التغلب على العقبات التي يمكن أن تواجه الممثل، محاولاً عصمت في كتابه أن يجمع ما بين النظرية والتطبيق، ومابين تأملات عن الأداء وكتاب عملي حسب منهج انتقائي يمكن لكل مدرب وطالب أن يستفيد بطريقته وحسب حاجته من التصورات والتمارين في هذا الكتاب.
ولأن الجدل حول فيما إذا كان يفترض بالممثل أن يعمل من الداخل إلى الخارج أم من الخارج إلى الداخل تبدو الطريقة الثانية أقل جاذبية في الألفية الثالثة برأي د.عصمت لأنها صارت تعتبر تحبيذاً ذاتياً أكثر منها قانوناً، لذلك كان كتابه مبنياً على مزيج من ثلاثة أساليب متوازية: طريقة ستانسلافسكي، فن الإيماء، والسيناريوهات الارتجالية، مؤكداً على ضرورة أن يتواصل الداخل والخارج بانسجام ليقدما تمثيلاً عظيماً.

الحذر من المخرج
ولأن العلاقة بين الممثل والمخرج ما زالت معقدة، يتناول د.عصمت هذه العلاقة مشيراً إلى تنوع أساليب المخرجين وطرقهم في قيادة مجرى البروفات، فكثير منهم لا يعرف كيف يمثل لكنهم يعرفون كيف يحكمون على التمثيل الجيد أو إطلاق مخيلة ممثليهم وإبداعهم، منوهاً إلى أن ميشيل سانت مثلاً، عمد إلى فصل دورة الإخراج عن دورة التمثيل كلياً حين أطلق مدرسته المشهورة “فيستراسبورغ” بينما اختار البعض أن يواكبوا بين التمثيل والإخراج، ليظل الخطر الأكبر الذي يجب على الممثلين أن يأخذوا حذرهم منه هو مسايرة المخرج إذا طلب منهم التوصل إلى نتائج سريعة في فترة مبكرة من البروفات.

أمينة عباس