ثقافة

في مهرجان التراث السوري.. الجيل الشاب يتابع الدرب

احتفاء باليوم العالمي للتراث بدأت فعاليات مهرجان التراث السوري الثالث في خان أسعد باشا، محققاً حضوراً ووقعاً مختلفاً، لتزامنه مع عودة أماكن أثرية مهمة إلى حضن الوطن، وزاده بهاء ترشيح مدينة دمشق كمدينة مبدعة في الحرف التقليدية والفنون الشعبية في شبكة المدن المبدعة لدى منظمة اليونسكو، وقد شكل جزءاً من روح المكان حيث ترافق المهرجان مع مجموعة معارض في التشكيل  والخط العربي وكتاب التراث من منشورات وزارة الثقافة.

الحضور الأهم والأبرز كان لبعض الحرف التقليدية كالزجاج والفخار والنحاس، واللافت مشاركات حية لشباب في مقتبل العمر، مما ينبئ بوضوح أن حِرَفنا بخير وأن جيلاً جديداً واعداً أخذ على عاتقه متابعة الدرب، وبالتأكيد لن يكتمل المشهد إلا بحضور فرقة التخت الشرقي النسائي التي قدمت أغنيات جميلة بنكهة التراث، فنحن من البلدان التي يحق لها أن تفخر أنها تمتلك تراثاً غنياً ومن واجبنا المحافظة عليه وإظهاره في المهرجانات والفعاليات المتنوعة.

مؤرخ للحرف والنشاطات
ويشارك الفنان نذير بارودي كعادته في جميع المناسبات التي تتعلق بالتراث من خلال لوحات متنوعة تتصدر معالم مدينة دمشق غالبيتها، وتعبر عن الحياة ومختلف النشاطات فيها فتأتي هذه اللوحات كتوثيق لحرف اختفى بعضها، في حين بقي بعضها الآخر عصياً يأبى الاندثار.

رد على الحرب
وكما في كل المعارض والمناسبات تظهر بصمة الفنان علي عجيب واضحة من خلال اللوحات التراثية والمجسمات المتنوعة التي تجمع الطبيعة مع الفن، ويعتبر عجيب أن المهرجانات فرصة لإظهار الغنى الحضاري لبلدنا، وهي نوع من الرد على الحرب التي تستهدف هذه الحضارة بالدرجة الأولى.

تحمل هويتنا
وللفنان عدنان تنبكجي مشاركته أيضاً من خلال النحاسيات والمجسمات التي تمثل مختلف الأماكن الأثرية في سورية كتدمر والجامع الأموي وقلعة الحصن، وكان قد شارك  في نهاية العام الماضي في معرض للحرف اليدوية في الكويت ونال امتيازاً خاصاً لهذه المشاركة، ويرى في هذا المهرجان فرصة حقيقية للتأكيد على أن بلدنا بخير وصناعتنا مستمرة، وأننا قادرون على المحافظة على حرفنا المتميزة التي تحمل هويتنا كسوريين أينما وجدت.

تقدير الجهود
ومن المكرّمات في المهرجان الملحنة والباحثة الموسيقية إلهام أبو السعود التي عبّرت عن سعادتها بالتكريم، مؤكدة أن ذلك بمثابة تقدير لجهود من كان لهم دور في حفظ تراث بلدنا، وقدمت أبو السعود مقطعاً غنائياً بصوتها على أنغام موسيقا فرقة التخت الشرقي النسائي.

جيل يصون الفن
ومن المكرمين أيضاً الحرفي فايز تلمساني الذي يعمل في صناعة الزجاج المعشق فيقول: إنه تكريمي الأول منذ بداية عملي عام  1963 وأنا  فخور به، وتحدث عن خصوصية حرفته قائلاً: تنفرد دمشق في هذه الحرفة عن كل بلدان العالم، ويمكننا أن نلاحظ أن القطعة المصنوعة في أي مكان آخر لها وجه وخلفية أما القطعة الدمشقية فهي بوجهين متماثلين، وتتحمل مختلف العوامل الجوية وشكلها الهندسي المدروس يجعلها تعطي للمكان من الداخل ألواناً تنطبق على الجدران حسب حركة الشمس خلال النهار، ويؤكد تلمساني أن المحافظة على حرفة الزجاج المعشق وغيرها مسؤولية مشتركة بين جميع الوزارات والمؤسسات، ومن الضروري أن تدخل هذه الحرف في المناهج المدرسية لنخلق جيلاً يقدّر الفن ويحافظ بنفس الوقت على تراث بلده من الاندثار.

جلال نديم صالح