هل يجدي؟!
بشرى الحكيم
على مدى السنين التي تلت الجريمة، لم ينتظر أهل المدينة المنكوبة التي باتت أمثولة في العالم أجمع. ما كانوا بانتظارٍ أي اعتذار لأي مسؤولٍ مهما علا شأنه، فالجراح التي خلّفتها القنبلة النووية “سيئة الذكر” لن يجدي معها أي اعتذار أو أكاليل زهور لنصب الضحايا التذكارية. أما “القنبلة إيّاها صاحبة الشأن” فلا عزاء لها؛ إذ ليس في الوجود من شيءٍ قادرٍ على تلميع صورتها.
وليست الجرائم فيما تخلّف من ندوبٍ على الأجساد؛ أو من أنهارٍ من الدماء تسيل على الطرقات، فلا شفاء يرتجى لبعض جراح الكرامة والذاكرة؛ تلك التي تمتد بآثارها وتتشعب في كل اتجاه تتجاوز ما هو أفقي وعرضي، بل إنها تذهب موغلة في العمق فتصب في قلب قيمنا ووجداننا والتاريخ.
وليس خافياً على الجميع؛ أنّ بعضاً من الأعمال الفنية التي تصدرت الشاشات العربية قبل شاشاتنا؛ قد أمعنت في غرز سكاكينها في ذاكرتنا وتمادت في رسم الندوب التي شوهت الصورة “سواء جاء الأمر عن سابق تصوّرٍ وتصميم” أو أنه مر “عن غير قصد” فترسخت في أذهان الكثير من الكارهين صورة مشوهة قزمة لمجتمعٍ يحق له أن يتيه زهواً بتاريخه ونضالات مكوناته ومواهبها الخاصة جميعها؛ تشهد عليها حضارة عريقة، وحاضر يجهد للحفاظ عليها.
والفن.. سلاح بات يضاهي القنابل في قدرته على التأثير و”التدمير” أيضاً؛ فما الذي يمكنه أن يلغي آثار قنبلة إن أفلتت من يد راميها، والعقل يقول حينها “لا راد لمشيئة البارود فيها”.
لذا يحق للكل “الكل” بلا استثناء؛ أن يتساءل: هل يجدي حشر “قصة أو حكاية” جانبية هنا؛ أو هل يمكن لوجه نجم يشكل رمزاً لدى جمهور عريض على امتداد الوطن، أن يلمّع صورة عملٍ فني أمعن في تصدير صورة لا تتصل بالحقيقة في شيء على مدى ما يقارب السنوات العشر؟.
هل يمكن لأي تحديث ؛ أن يصحح الصورة المشوهة التي ترسخت في الأذهان المريضة والتي لم توفر سلاحاً إلا وغرزته في صدر البلاد؟.
ويحق السؤال أيضاً: ترى ما الإضافة المرتجاة التي تشكلها مثل هذه الأعمال التي ما صنّعت إلا لتصدر إلى مجتمعات وشاشات لها أغراضها التي لم تعد خافية على أحد.
وللأسئلة أجوبة جليّة حملتها العروض السابقة والسنوات التي مررنا بها، على المتسارعين للعمل بها قراءتها بوضوح، قد لا ينفعهم بعدها إدانة للعمل هنا وتشهير به هناك؛ أو حجج بطلب للإطلالة على جمهور جيد، بات مبتغى الجميع.