ثقافة

انتعاش المسرح في طرطوس

نشطت الأعمال المسرحية بشكل ملحوظ في محافظة طرطوس خلال سنوات الأزمة سواء بالكم أو النوع، وبحسب علي إسماعيل مدير المسرح القومي كان المسرح راكداً وهادئاً قبل بدء الأزمة في سورية، لكنه انتعش خلالها من خلال إقامة ورشات عمل لإعداد الممثل في المسرح، ويضيف إسماعيل: يوجد في المسرح ممثلون محترفون، لكن عددهم غير كاف لتوجه أغلب الممثلين للإخراج المسرحي، فتم العمل على استقطاب جيل الشباب، لأنهم يرفدون الخزّان السوري للمسرح، وتم العناية بهذه الفئة، ومحاولة خلق هاجس لدى هؤلاء في العمل المسرحي، أو نجعل منهم مشاهدين جيدين باستطاعتهم أن يحللوا العرض المسرحي.
تطورت ورشات العمل في إعداد الممثل لتقام في مناطق المحافظة، فأصبح في صافيتا نواة فرقة مسرحية هي (فرقة بعمرة) كذلك الأمر في مشتى الحلو وبانياس، حيث تبنى المركز الثقافي مجموعة من الشباب في “مشروع حلم”، وكان هناك محاولات من قبل بعض الشباب في الشيخ بدر والدريكيش، ويمكن الملاحظة أن المسرح في طرطوس أصبح موجوداً بعيداً عن سوية العروض التي ينتجها الهواة، ولدعمهم تم إقامة مهرجان سنوي للهواة، وأغلب العروض المسرحية كانت تحاكي الواقع حيث أشار إسماعيل إلى أن كل ما شاهدناه خلال السنوات الخمس الماضية هي عروض تتعلق بالأزمة السورية، تحاكي هم المواطن السوري من كافة النواحي، سلطت الضوء على مشاكله.
والمسرح هو دلالات وإشارات، وهو حياة، وهذه النصوص تراوحت بين الجيد والعادي، وقد وجه الفنان المسرحي من خلال عروضه رسالة للجمهور تبين تمسكه بالوحدة الوطنية، وبالعلاقات الاجتماعية وإصراره على بناء الوطن من خلال قصص وعروض مختلفة، وأدت العروض إلى التأثير بشكل مباشر في الجمهور، وبالمقابل واجه العمل المسرحي عددا من المعوقات والمشاكل، بحسب مدير المسرح حيث أن المراكز الثقافية غير مزودة بتقنيات (إضاءة، صوت) والأجهزة الموجودة فيها غير صالحة للعمل بنسبة 70 ٪ . أيضاً نفتقد للمتابعة الإعلامية لعروضنا، سواء من حيث عدم نشر خبر في الوسائل الإعلامية، أو حتى متابعتها نقدياً، فكما نعرف أي عمل إبداعي يحتاج لقلم ناقد لنعرف أين أصبنا وأين أخطأنا بما يخدم أعمالنا القادمة. كما يوجد معوقات مادية وقد ازدادت في هذه الفترة، أما من حيث أزمة في النص المسرحي فلا يوجد لأن المجالات مفتوحة أمام الجميع.
تقول إيناس الحسينية خريجة نقد مسرحي، إن كم العروض ازداد خلال الأزمة وكانت أغلب النصوص تحاكي مشاكلها وتبعياتها (النفسية والجسدية) بشكل مباشر وغير مباشر، وكان المحور الأساسي لأغلب العروض محاكاة للواقع الذي لامس وجداننا وأثّر فينا. وأضافت: المسرح بحد ذاته يطرح المشاكل ويحفز التفكير، لكنه لايقدم حلولاً، وكانت هناك عروض أظهرت للمشاهد الطرف الآخر في الأزمة، وساعدت قليلا في سماع الشخص الآخر وقبوله إلى حد ما، وأشارت أن محافظة طرطوس تستوعب أعداد سكانية كبيرة وهناك نسبة مشاهدة لابأس بها من كافة الشرائح الاجتماعية والفئات العمرية، ورغم الظروف التي نعانيها هناك إقبال شديد على هذه العروض.
من جهة أخرى يلاحظ أن المواطن في المحافظة لديه حس ثقافي عالٍ وهو تواق لمشاهدة العروض والأعمال المسرحية ومتذوق للعروض الفنية الجيدة، ومن هنا يجدر بالمسرح أن يقدم الأفضل من نص مسرحي هادف ونوعية ترضي الجمهور وتحقق قيمة مضافة له، لشغفه بالمسرح وما يقدم على خشبته..

رشا سليمان