ثقافة

دموع “العربية” على تدمر

أمينة عباس

ليس جديداً على عالم الإعلام ما تبدعه قناة “العربية” من مبادرات مذهلة في تشويه كل ما هو جميل، في ما تبقّى من عالمنا العربي الذي تبعثرت أوصاله وامّحت صورته الجميلة بفضل ما أبدعته “العربية” و”الجزيرة” وأضرابهما من فنون الطعن في جسد أمة يحاول بعض أبنائها هزيمتها قبل أن تُهزَم من قِبَل أعدائها.
آخر ما خرجت به “العربية” علينا من فنون النفاق والدجل والتخلّف حملتها الشرسة على الاحتفالية التي أقامها فنانون سوريون وروس، على مسرح تدمر المحرر من رجس داعش الابن الشرعي للوهابية التي تتبناها “العربية” قلباً وقالباً، حيث بثت “العربية” أكثر من تقرير تناولت فيه الاحتفالية وكأنها ذنب لا يُغتَفَر ارتكبه المشاركون فيها والقائمون عليها، في الوقت الذي ربما كان عليهم حسب تقييمات “العربية” المشاركة لا في تحرير المسرح والمدينة من دنس داعش بل مشاركة داعش في احتلالها مثلما فعلت “العربية” تماماً عندما راحت تبرر لداعش احتلالها للمدينة وقيامها بالفظائع التي قامت بها، ولا يمكن لأحد أن ينسى كيف قامت “العربية” بتصوير عمليات الإعدام التي قامت بها شراذم داعش كأعمال (ثورية) وكردٍّ على (همجية) أبناء المدينة وأبناء سورية لأنهم لفظوا داعش وهو أمر لا يتناسب بالطبع مع ما تروجه “العربية” من أكاذيب وأضاليل بلغت حداً من الوقاحة بتصويرها لحفل موسيقي راقٍ وكأنه شكل من أشكال العدوان بينما لم ترَ في كل ما فعله الإرهاب في سورية سوى شكلٍ من أشكال التحرر.
الواقع إن هذا السلوك الإعلامي المقزز لا تنفرد به “العربية” وحدها بل هناك فضائيات كثيرة تحاول أن تنهج نفس النهج بتسليطها الأضواء على قضايا هامشية وإهمال القضايا الجوهرية مثلما فعلت فضائيات عربية بإهمالها ما تعرضت له مدينة حلب من حملة همجية مسعورة مؤخراً وتركيزها على صورة التقطتها إعلامية إلى جانب عدد من جثث قتلى قطعان الإرهابيين وكأن القضية برمتها أصبحت محصورة في هذه الصورة التي يتمنى ملايين السوريين أن يلتقطوها لأنفسهم.
يبدو أن بعض الإعلام العربي مصمم على القيام بدور مخزٍ في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ العرب، لا لشيء إلا إرضاء لنزوات بعض من باعوا أنفسهم للشيطان وهم أساتذته وملهِموه.