ثقافة

أسرة قنوع.. استمرار التألق

أمينة عباس

ثمة العديد من التجارب الناجحة في الحياة الفنية السورية شهدتها ساحات الفن المختلفة على مدى سنواتها العديدة والمديدة، ومساراتها المختلفة والغنية بأنواع الفنون قاطبة، لكن عدداً محدوداً من هذه التجارب تحول إلى ظاهرة نادرة قد لا تتكرر كثيراً، أو قد لا تتكرر بالمطلق بنفس الظرف والتفاصيل. من هذه الظواهر النادرة في الحياة الفنية السورية ظاهرة العائلات الفنية التي تحترف الفنّ بشكل جماعيّ، وباهتمامات قد تكون مختلفة شكلاً لكنها في المضمون تصبّ في اتجاه واحد هو اتجاه الإبداع. فإذا كان تاريخ الفن في سورية يذكر باعتزاز تجربة عائلة جبر الفنية التي أسسها الفنان محمود جبر، وما تفرع عنها من أخوة وأبناء، فإن ثمة تجربة ناجحة أخرى لا تقل أهمية عن تجربة عائلة جبر ألا وهي عائلة قنوع التي شكلت على مدى أكثر من أربعين عاماً ظاهرة فنية نادرة أسس لها أولاً الأخوة قنوع: أحمد وهاشم وعمر ولحق بهم مروان ومن ثم عدنان قبل أن يظهر جيل آخر تمثل بمحمد وزهير قنوع.. والواقع أن كل واحد من هؤلاء يمكن أن تشكل تجربته ملمحاً خاصاً ومتميزاً في التجربة الفنية السورية عامةً، فقد برز الراحل أحمد قنوع بموهبته الشعرية الفذة والتي تجلت في إبداع مئات الأغاني التي شكلت وجهاً ناصعاً من وجوه الأغنية السورية والعربية في سبعينيات وثمانينات القرن الماضي، إذ شدا معظم المطربين السوريين والعرب في تلك الفترة بأغنيات وضع كلماتها أحمد قنوع، الذي تمتع بقدرة فائقة على نظم الأغنية الرشيقة والعذبة والتي تدفع الملحنين دفعاً نحو وضع ألحان خلاقة حتى تتمكن من استيعاب الجملة الأدبية الشعرية التي أتقن أحمد قنوع رصفها. وبالمقابل تميزت تجارب باقي الأخوة في مجال فن التمثيل، فكلنا يذكر التجربة المحدودة عدداً للفنان هاشم قنوع الذي شارك في الأعمال الأولى للتلفزيون السوري وكانت له تجربة في سينما القطاع الخاص، كذلك نذكر التجربة الهامة والواسعة للفنان عمر قنوع الذي كتب عدداً كبيراً من الأعمال الدرامية الإذاعية والتلفزيونية، بالإضافة إلى تجسيده شخصيات درامية إذاعية شهيرة ومساهمته كمخرج لفرقة دبابيس المسرحية التي اضطلع ببطولة معظم أعمالها الفنان مروان قنوع صاحب الموهبة المسرحية المتوقدة والقادرة على جذب الجمهور، ولا شك أن فرقة دبابيس المسرحية سيطرت على الساحة المسرحية السورية لفترة طويلة من الزمن من خلال عشرات الأعمال المسرحية التي لم يبقَ منها سوى الذكرى.
التجربة الفنية الغنية لأسرة قنوع تجربة تستحق من النقاد والمهتمين التفاتة عميقة لسبر إيجابياتها وكشف سلبياتها عسى أن تكون نبراساً لتجارب قادمة مبدعة ومتألقة.