تَسْلية
بشرى الحكيم
قد يخالفك الجمهور في الرأي “وقد يوافقك” فهو في النهاية مجرد رأيٍ بفنان كبير تشهد له سنوات طويلة من العمل والإبداع و”الزعامة” في عالم الكوميديا؛ ومن حقك القول أنه لا ينال قبولاً عاماً من الجمهور؛ فالأمر يتعلق بالمزاج الشخصي لكل منا؛ لكن وبعيداً عن هذا الأمر فأنت لا يمكن إلا أن تقر بأن أعمالاً كثيرة حتى تلك التي اتسمت بالتهريج والصراخ والنكتة السمجة المكررة، امتلكت في نهاية الأمر “العبرة” أو “الدرس” الذي يسهل استخلاصه في نهاية العرض، وهي نقطة إيجابية تسجل.
وقد يختلف الناس في الرأي بشأن فنان كبير هو “دريد لحام” لكن لن نستطيع القول أنه حتى في البدايات وحين قرّع آذاننا برنين قبقابيه في صح النوم، لكن الدرس والعبرة كانت متاحة في تلك الأعمال لمن يريد القراءة! والأمر ينساق على العديد من المبدعين وفي كافة المجالات تمثيلاً و…كتابة.
لكن والسؤال بات مشروعاً للجميع! وهو يُسأل: ترى ما الفائدة أو العبرة من تقديم ما يجري تسميته “أعمالاً عربية مشتركة”؟ تُبذل لها الأموال والجهود؛ فتخرج في أجمل صورة وتحجز لها ساعات العرض الرئيسية، على مدار أسابيع طويلة لتنتهي دون أن يستطيع المشاهد الخروج منها مستخلصاً مقولة أو عبرة مهما كانت بسيطة!.
حين سأل المحاور ضيفته كاتبة السيناريو والتي يشهد اسمها بالمهنية والرقي: ألا ترين أنها أعمال باتت تقترب من التسطيح والابتعاد عن واقع حياتنا وما يتطلبه من وعي حتى اقتربت من اللهو؟ تجيبه السيدة بما يقترب من العبث: يمكن للفن أن يكون نوعاً من التسلية. وكأنما بتنا نجابه غزو المسلسلات المدبلجة لشاشاتنا بمسلسلات تنذر بمواسم هجرة إلى التفاهات التي ندعو للخروج منها.
هل يمكن؟ وفي زمن الحرب؟.
علمتنا الحياة أن للفن؛ وفي أقصى حالات الرخاء والأمن؛ مهاماً ليس له أن يتخلى عنها، وهو العمل على تحصين المجتمعات من الانزلاق في زواريب الضياع، فكيف بنا والحرب في ديارنا والحراب على النحور، هل ننتظر النصر عبر السلاح فقط؛ أم أن على الكل أن يمتشق ما استطاع إليه سبيلاً من سلاح، يقاتل به ويرتفع بوطنه إلى العُلا. العالم يمارس إرهابه العسكري والفكري عبر كل وسيلة، ومن كل حدب وصوب، أليس الأجدى أن نتشارك جميعاً في التصدي له؛ وإعادة الفن إلى دوره الطبيعي الذي يجب أن يضطلع به لخدمة قيم الحق والخير والحرية والجمال وكل قيمة ترفع من إنساننا، أم أن البعض بات يستسهل الأمر ويفضل أن يكون “مرآة العصر المجنون الذي يمر بنا” معترفاً بعدم القدرة على المساهمة في النهوض بالحياة والمجتمع، وهؤلاء بالطبع لا يُنتظر منهم المشاركة في كتابة تاريخ جديد نأمله جميعاً لوطن يمتلك كل الخير والجمال ويستحق الحياة.